الشاب الإيراني الذي يبيع الفلافل في هانسلو قال لي وهو يلف الساندوتش، لدي درجة في القانون حصلت عليها من جامعة في بلادي، لكني أفضل أن أبيع الفلافل هنا. على الأقل حتى أجد المال الكافي وأعيد دراسة القانون في بريطانيا، نفس هذا الكلام أعادته فتاة تعمل في صالون نسائي، لكنها في إيران كانت تحمل درجة الماجستير في القانون فلما سألتها لماذا القانون البريطاني، ردت أريد أن أكون محامية هنا وسأقاضيهم.

الإيرانيون في لندن كثيرون جدا، في غالبهم حالفهم الحظ بالهرب من الملالي بالصدفة وأحيانا بالخدعة، تحكي لي صديقة درست معها اللغة وكان يثير تعجبي تفوقها فيها وعدم حاجتها مثلي لكورسات الإنجليزية، صارحتني بأنها استخدمت عذر الدراسة لتلحق بوالدها السياسي الذي مل من سياسة النظام الإيراني وقرر الفرار بعائلته لتلحقهم هي وزوجها بطريقة نظامية كطلاب لغة ينتظرون فرصة اللجوء.

لا شك أنه ليس هناك أسوأ من أن يفسد مجموعة من المؤدلجين بلادك ويحملونك على مغادرتها تاركا خيراتها ومستقبلها لهم، ثم تجد نفسك أقل مكانة مما حلمت وعملت لأجله، لذا القاسم المشترك بين هؤلاء الفارين هو أمل العودة لإعادة إيران قبل الثورة الخمينية.

زهرة كاظمي، كندية من أصول إيرانية عادت ومعها كاميرا سجلتها لأسر السجناء وهم يقفون عند أبواب السجون متظاهرين، لكن خمسة ضباط اعتدوا عليها بالضرب والاغتصاب حتى لفظت أنفاسها لتسحب كندا سفيرها من إيران رداً على ذلك.

زهرة كانت من أوحى إلى مارينا نعمت صاحبة مذكرات سجينة طهران بكتابة مذكراتها بعد أن أثر فيها مقتل زهرة ووجدت أنه يجب أن تتكلم ولا تصمت، لذا نشرت مذكراتها عندما كانت سجينة في سجن إيفين الرهيب.

الدكتور محمد ملكي المعارض الإيراني عميد جامعة طهران السابق والمعروف بصورته وهو يحتضن لوحة يخبر بها أنه ممنوع من السفر، وهو الذي صرح أخيراً أن النظام الإيراني يتفكك من الداخل، يدفعك هو وكل الأسماء السابقة لتساؤل أخير يحتاج للتأمل: لماذا يهرب الإيرانيون من مشروع الخمينية ويتبرأون منها بينما يسقط في وحلها العرب؟