يقول المثل العامي: (يا حظّ من له مع القوم ابن عمّ)، والقوم بالعامية تعني الغُزاة، ومعنى المثل باختصار: ستكون محظوظاً عندما يهاجمك الغُزاة وتكتشف أن أحدهم ابن عمك، ولم يقل العاميون الأوائل ما هي المرتبة الأعلى من الحظ لو كان أحد الغزاة هو الوالد –مثلاً– وليس ابن العم!
اختيار العامية مدخلاً للمقال يعد مهماً، خاصة بعد رواج كلمة (فساد) وهي كلمة عامية تقابلها بالفصحى (عدم التزام)، كما جاء في بيان نزاهة حول (عدم التزام 10 وزارت بالضوابط والشروط النظامية اللازمة للتعاقد، وفقاً لبرنامج الاستقطاب)، الوزارة ليست فرداً بالتأكيد، هي لو أردنا القياس على المثل العامي السابق فإنها تعتبر (قبيلة) فعندما يأتي غُزاة (غزو ناعم) على تنمية الوطن، ويكون لك مع الغزاة قبيلة (وزارة) وليس ابن عم فستنصر بالتأكيد، ويبدأ من جديد صراع المصطلحات بين عاميها وفصيحها، بالطبع أنا ضد تسميته فساداً كما تفعل العامية التي لا تعترف بالدبلوماسية، وضد كلمة فساد لأسباب كثيرة لا علاقة لها بالمنطق ولا بالأخلاق أيضا!، في نفس الوقت فإنني أتحفّظ على التسمية الفصحوية – مع الاعتذار للسيبويهيين- فعندما (تلتزم) القبيلة أو الوزارة مع ابنها فكيف يكون هذه الالتزام عدم التزام؟!
هذا الوصف يذكرك بالإخوة القانونيين الذين تحدثهم عن قبضك على (حرامي) يسرق داخل منزلك، فيحذرك من استخدام كلمة (حرامي) لأنه ما زال مُتهما، وعليك أن تنتظر حتى يصدر حكم قضائي بالإدانة بعد ذلك يسمح لك بأن تصفه باللص، يا عزيزي إنه يسرق وضح النهار وقُبض عليه متلبساً فهل تريدني أن أقول عنه عمر بن عبدالعزيز مثلا؟!
الوزارات العشر المبشرات بنزاهة لم ترد أي منها على استفسارات هذه الصحيفة عن الفساد (عفوا على استخدام الكلمة العامية) أقصد عن عدم الالتزام، أو ما أسمته الصحيفة (بالمخالفات)، وأنا هنا لن أنحاز لهذه الصحيفة على حساب الحقيقة، الحقيقة الجلية أن مسألة (الالتزام) هي مسألة (شخصية) للوزارات، ومن الخصوصيات التي لا ينبغي السؤال عنها، – بتعمد ربما– وهي الرسالة المهمة للالتزام بعد الالتزام كي يتسنى للوزارات تقديم رسالة اجتماعية مهمة بصلة الرحم وللتوجيه الكريم (الأقربون أولى بالمعروف)، بل وحتى انحيازاً للثقافة التي تتبنى المثل (جحا أولى بلحم..)، أعتذر مرة أخرى لاستخدام كلمة لحم لأنها عامية، الصحيح (جحا أولى ببرنامج استقطابه)، والآن أغمضوا أعينكم وتخيلوا أن الوزراء الذين حدث (عدم الالتزام) بوزارتهم تحملوا هذه الخطأ، وطلبوا إعفاءهم من مناصبهم، وقدموا اعتذارهم للناس، أرجوكم لا تفتحوا أعينكم لترون الواقع، ابقوا أعينكم مغمضة وحلقوا بخيالاتكم، واستمتعوا بتصفيق الناس لهؤلاء الوزراء الشجعان الذين لم يكابروا!