لفت نظري قبل أيام تصريح معالي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد -للوطن- والذي ذكر فيه أن الهيئة غير ملزمة بنشر تقريرها السنوي بسبب خضوعها إلى آلية معينة، ولوائح عمل محددة تمنعها من نشر التقرير، ومبينا أن الأسباب المتعلقة بحجب تقرير أعمال الهيئة السنوي ليس لها علاقة بانعدام الشفافية، ومرجعا في تصريحه السبب الرئيس لحجب التقرير الأخير إلى أنه قد احتوى على قضايا تقتضي في طبيعتها التزام السرية الكاملة، للحفاظ على سمعة أطرافها وعدم المس بكرامتهم.

منذ تلك اللحظة التي قرأت فيها هذا التصريح وأنا أتساءل عن الكيفية التي تنطلق من خلالها "نزاهة" لعلاج جذور الفساد؟ وما الأسماء التي يحق للهيئة نشرها في تقريرها والأخرى التي لا تملك الجرأة في نشرها أمام الرأي العام؟

ولأن المساحة الممنوحة لا تكفي للتنظير في كارثة الفساد الإداري والمالي وطرح كافة المنهجيات والأساليب المعمول بها، أو تلك التي لم تتجاوز كونها اقتراحا أو فكرة يتم من خلالها القضاء على هذه الظاهرة على مستوى العالم، فأنا لن أتجاوز الأسلوب الأكثر شيوعا وفاعلية، وهو "التشهير والعقوبة المنصوص عليها"، والذي أثبت فاعليته منذ اليوم الأول الذي علمَ فيه سكان هذا الكوكب أن علاقة الشفافية بالنظام علاقة طردية ومتلازمة.

فالتشهير أشبه ما يكون بـ"سكين ذات حدين"، إذ ينتج عنه توجيه ضربة قاسية إلى الفاسد بعينه، ورسالة تحذير إلى الآخرين، فاسدهم وصالحهم، وبالتالي تصبح عقوبة الشخصية الواحدة بمثابة سجل عقوبات يحوي العديد من الأسماء الفاسدة لردعها عن التوغل في وحل الفساد.

لم أستطع قراءة هذا التصريح الصادر من معالي رئيس الهيئة إلا من جانب قد يوافقني عليه العديد من قراء ومستمعي هذا التصريح: وهو محاولة "نزاهة" عزل الشارع السعودي عن تلك القضايا والملفات الساخنة، بالرغم من أنه الطرف المقابل فيها والمستحق لرد الاعتبار، أما الخارجون عن هذا النسق فهم من استطاع الشارع التشهير بهم وأصبحت قضيتهم قضية رأي عام.

ومنذ ذلك اليوم الذي وقع فيه هذا التصريح في يدي وإلى هذه اللحظة لم أجد إجابة لتساؤلاتي عن الكيفية والأسماء!