عقيل حامد



نرى في حياتنا مواقف مختلفة بعضها يسوئنا وآخر يسرنا وثالث يثيرنا ورابع يدهشنا وخامس يدعونا للتأمل والتفكر، وهذا أمر طبيعي تعيشه الحياة البشرية، ولا غرابة فيه لأن كل إنسان يهتم بما يهمه ويحرص على ما يفيده وينفعه  ويتجاهل ما لا يعنيه ولا يخصه، وكذلك ما يسوئه ويضره وعلى هذا الأساس يتحرك الفرد أو الجماعة ويرسم طريقه في الحياة، المسلمون يهتمون بالإسلام وغير المسلمين كل يهتم بدينه أو معتقده، وكل ينطلق منه وإليه.

 لهذا لا غرابة أن تتصارع الشعوب والأمم على مر العصور والأجيال وتنشب بينها الحروب الطاحنة المدمرة للحياة التي تهلك الحرث والنسل، ومن الواقع الذي نعيشه والتاريخ الذي نقرأه ونعرفه جيدا يستفيد الإنسان ويستلهم منه الدروس والعبر ما تفرق المسلمون إلى بلدان عديدة وشعوب مختلفة متخالفة متناحرة ومتقاتلة إلا بسبب خلفياتهم الفكرية العقلية وعقائدهم القلبية المتخالفة المختلفة التي فرقت عقولهم وأفكارهم أولا، ثم فرقت قلوبهم ثانيا، وفرقت أبدانهم ثالثا، ثم فرقتهم إلى شعوب وبلدان عدة حتى أصبح الواحد منهم لا يهتم بأخيه وجاره الجائع، فقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف: (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به)، والجار يشمل جار البيت وجار الوطن والأصل.

 إننا كلنا إخوة في الدين، وقد حرم الله دمائنا وأموالنا وأعراضنا فيما بيننا بقول الرسول الكريم  "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه " رواه مسلم، بل نهانا الله عن غيبه بعضنا البعض وشبه نبينا الصادق الأمين المغتاب كمن يأكل جيفة ميتة، قال الله تعالى ( ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه )، فعلى المسلمين الابتعاد عن الفرقة والخلاف وعدم شق صفهم لأي سبب كان وعليهم ترك الأحزاب الوضعية والأفكار العقلية التي جاءت من أناس غير معصومين والتي فرقتهم إلى أحزاب وجماعات وطرق وطوائف كما هو حالهم اليوم.   لقد حذرنا الله تعالى ورسولنا الكريم في كثير من الآيات والأحاديث المشهورة والمعلومة للجميع ونهانا عن التفرقة في الدين والتكتل في أحزاب وجماعات وشيع مختلفة حتى أصبح كل واحد منها يرى انه على الحق المبين، ومخالفهم من أهل البدع والضلال والإرهاب، نهانا الله عن الفرقة والخلاف لأن الخلاف الفكري يؤدي في الغالب إلى خلاف قلبي، والخلاف القلبي يؤدي قطعا إلى فرقة بدنية، لهذا افترق المسلمون إلى ما افترقوا إليه اليوم على المسلمين لزوم سنة النبي الهادي، ومنهج أهل السنة والجماعة من غير إفراط أو تفريط وعليهم ترك الأفكار المستوردة من الخارج لأن ورائها السم الدفين، هناك من يدفع شباب الأمة إلى الغلو والتهور وعدم دراسة الأمور وعواقبها التي ستكون وبالا ليس عليهم فحسب، بل على الأمة جمعاء، وما تعانيه الأمة من تشويه لصورة الإسلام النقي الأطهر  واتهامها بالإرهاب إلا بسبب تصرفات الشباب المتحمسين غير المنضبطين بالعلم والعقل المتين الرصين.

فعلى العرب وخاصة قادتهم الوطنيين العروبين الإسلاميين الشرفاء تحمل مسؤوليتهم تجاه وطنهم العربي الكبير وشعبه الخالد ودينهم الحنيف وعليهم الوقوف بوجه تلك التحديات الخطيرة الجسيمة ليثبتوا للعالم أن العرب امة خالدة حية لا تركع لأحد أبدا تصبر على الظلم لكنها لا ولم ولن ترضى بالذل والإهانة.