ألقت الحرب التي تجري بلا هوادة في سورية بظلالها على كل الأمور الحياتية حتى لعب الأطفال في الشارع، مما استدعى تصميم منطقة ألعاب لهم في أنفاق تحت الأرض لكي تمنحهم حرية اللعب بعيدا عن خطر القصف المستمر الذي تمارسه القوات السورية والقوات المتحالفة معها.
قمتُ بجولة في تلك المنطقة التي تسمى "أرض الطفولة" فالتقيت صبيا (10 سنوات) اسمه عبدالعزيز، قُتل والده في الحرب الدائرة في سورية، وأصبح واحدا من ملايين الأطفال السوريين الذين يحاولون أن يعيشوا طفولتهم بشكل طبيعي وسط هذا العنف الذي لا ينتهي. قال عبدالعزيز إن والدته لم تسمح له باللعب مع زملائه في الشوارع بسبب القصف المستمر، لكنها سمحت له بالذهاب إلى ذلك المكان الآمن مع أصدقائه، عندما علمت أنه نفق تحت الأرض وبعيد عن القذائف التي تستهدف المنطقة بشكل مستمر.
تقع "أرض الطفولة" في منطقة يسيطر عليها الثوار في البلد الذي مزقته الحرب، كما أنه لا يزال هناك نحو نصف مليون مدني رهن الحصار في عدة مناطق تواجه نقصا في الغذاء والكساء والدواء الحيوي.
وهناك نحو 200 طفل يرتادون نفق الألعاب يوميا، بينما تقوم مدرسة أخرى بالسماح لنحو 50 طفلة بارتياد منطقة ألعاب خاصة بهن أسست أيضا في أنفاق تحت الأرض. وتضاهي هذه المناطق أي مناطق ألعاب أخرى في العالم لما فيها من ألعاب مختلفة وأحصنة خشبية وميادين لعب الكرة والأراجيح. وفي إحدى الزوايا، يوجد محل لبيع الحلويات المصنوعة محليا، كما يلاحظ أن جدران النفق مزينة بلوحات ملونة من الزهور والأشجار لإعطاء انطباع بالعالم الخارجي الذي لم يعُد آمنا لهؤلاء الأطفال.
يقول ياسين أحد القائمين على منطقة الألعاب إن متطوعين ونشطاء من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) قاموا بحفر تلك الأنفاق بأنفسهم، ثم قاموا بطلائها بالألوان وتأسيس نظام الإضاءة ليكون جاذبا للأطفال. ويضيف ياسين "لقد حولنا الأنفاق من كونها مرتبطة بالهجمات والقتال إلى أمر مرتبط بألعاب الأطفال وتوفير الأمان لهم".
وتقول الأمم المتحدة إن تفاقم العنف في السنة الخامسة من الحرب الأهلية في سورية تسبب في مضاعفة عدد الأطفال الذين يعيشون تحت الحصار.
ويقول المدير التنفيذي لليونسيف، أنتوني ليك: بالنسبة لملايين البشر في سورية، أصبحت الحياة كابوسا لهم لا نهاية له - ولاسيما بالنسبة لمئات الآلاف من الأطفال الذين يعيشون تحت الحصار. إنهم يتعرضون للقتل والإصابات الخطيرة، إذا حاولوا الذهاب إلى المدرسة أو حتى اللعب في الشارع، وكثير منهم يموت لندرة الغذاء والدواء.