فقدت المملكة قبل أيام أحد أهم رجالاتها المميزين؛ صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالعزيز

آل سعود ـ رحمه الله ـ؛ وكلنا شاهد دموع الحزن والفراق على عيني شقيقه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ؛ وحتما جدد فقد سمو الأمير تركي على ولي أمرنا، حزنه الكبير على رحيل من سبق، وخصوصا ابنيه الأمير فهد، والأمير أحمد، وأشقائه الملك فهد، والأمير سلطان، والأمير نايف، والملك عبدالله ـ رحمهم الله جميعا ـ، ولا يملك من جرب بعض هذا الرحيل إلا الدعاء بالرحمة لمن رحل، وبالثبات وموفور أجر الصبر لمليكنا المفدى..

الأمير تركي؛ واعترف أني لست ممن أسعفته الفرص ليكون من الملتصقين بسموه؛ إلا أن واجب الاعتراف بقيمته وقامته، وما سمعته من معاصريه تحتم عليّ محاولة التنويه عن بعض ما حلاه الله به من مكارم، ولعل نعيي لسموه هنا، يفي ببعض حقه، تغمده الله بواسع رحماته.. من أبرز مميزات الراحل الكبير، تثبيته لمن كان سموه مقتنعا برأيه، ووقوفه معه، وإن كلفه هذا ما كلفه من تعب ومعاناة، وهذه الخصلة في عالم اليوم، تكاد تكون شحيحة، إن لم تكن معدومة.. ومن مميزاته ـ رحمه الله ـ الشخصية فتح بيته لكل الناس، ومن مختلف المستويات الثقافية والاجتماعية، وليس ذلك فقط، بل مع إشعار من يأتيه بأنه صاحب الفضل عليه؛ فلا ينادي من هو أكبر سنا منه إلا بـ(عمنا) ومن كان من آل البيت بـ(سيدنا)، ولا يخرج أحد من عنده، إلا وهو مجبور الخاطر، وفي غاية الامتنان.. ومن المميزات التي لا يمكن إغفالها تفقده لمن غاب عنه؛ فإن كان الغياب لمرض، أو لغير ذلك، لا يهدأ له بال حتى يبرأ المريض من كافة أعراض مرضه، وأن تنتهي كل أزمات من تعرض لأزمة، وصلت إلى مسامعه..

كل من أعرف من معاصريه يقولون إن الأمير تركي رجل شهم، ورجل وفي، ورجل نبيل، ورجل كريم، وكان شامة بين من حوله، ولعلي أستعير في ختام مقالي كلمات أبَّن بها الأمير سلطان بن سلمان عمه الأمير تركي قائلا: "سيدي وعمي الأمير تركي من أكرم الناس خلقا، وأوسعهم قلبا، لم يُسمع عنه يوما أنه رد سائلا أو محتاجا في أي ظروف، وأُشهد الله أني وقفت على حالات لا أحصيها، قدم فيها حاجات الناس على حاجاته"، وأخيرا أتمنى ـ شخصيا ـ مع تجديد الدعاء بالرحمة للأمير تركي، أن لا يمر علينا زمن طويل، إلا وقد أوجد الله لنا من يعوضنا فقده، وفقد أمثاله.