فترة زمنية قصيرة تفصلنا عن معرض الكتاب الثاني في مدينة جدة، المكان من أكثر مدن بلدنا كثافة سكانية، وأكثرها ارتيادا من كافة المواطنين من مختلف المناطق الأخرى، فضلا عن المقيمين من كافة أنحاء الوطن العربي والعالم.
إذًا يفترض أن يكون المعرض ناجحا من حيث الحضور واستفادة الجميع منه، وأقصد بالجميع كافة أفراد الأسرة وشرائح المجتمع.
وجدت معرض الشارقة يحمل عبقا جميلا، ويتجدد كل عام بأفكار جديدة ورؤى ناضجة، خدمت القارئ والمواطن والزائر. في كل ركن فكرة خلاقة، وفي كل عام يظهر المعرض بمشروع أضخم من مشاريع الأعوام السابقة.
مدينة جدة بيئة خصبة لتنفيذ الأفكار، أولا لامتداد مساحتها، ثم لوجود الجهات الداعمة، سواء رجال الأعمال أو المؤسسات، ونجاح المعرض وهو في سنواته الأولى مهم جدا لاستمراره وتميزه، والنجاح لأية فكرة كانت يحتاج عدة أمور يكون العمل عليها والتخطيط لها قبل عرضها بوقت كاف، فالعمل ليس لمجرد حشو الفراغ وتنفيذ الفكرة بأي صورة حتى يتخلص صاحبها من العبء، لأن الإبداع في العمل مهم جدا، أي لا أسعى لأكون ذا إنتاج وظيفي فقط لا معنى له.
- لذلك من المهم تدوين أخطاء تنفيذ الأفكار السابقة ليتم تفاديها في المرات القادمة، والاهتمام بجميع الجوانب وبالخلفيات كما هو الاهتمام بالواجهة، وبأدق التفاصيل، لا أن يقتصر الاهتمام على الجانب الذي يراه المسؤول ويسأل عنه وتهميش الجوانب الأخرى، فالاهتمام بهذين السببين في الغالب يؤدي إلى عمل رائع وناجح، والهدف الأساسي من إقامة المعارض سيتحقق، وسيؤتي أكله حتما، بتعاون إدارة المعرض مع عدة جهات يصل الكتاب إلى أقصى حد من الانتشار، وليس بالضرورة الحضور للمعرض، فهناك مشاريع وأفكار بديلة يتم فيها توزيع الكتاب لأكثر فئات المجتمع. على سبيل المثال، استحداث مشروع القراءة، ويستهدف الأسر، أي أن يتم إنشاء مكتبة منزلية تحتوي على إصدارات يستفيد منها كافة أفراد الأسرة، وهذا المشروع وجدته في معرض الشارقة الدولي كفكرة رائدة ومحفزة، وتنم عن الوعي بأهمية انتشار الكتاب.
أرجو أن يكون معرض جدة للكتاب رقما واضحا وبارزا بين معارض الكتب الدولية، ويكون انطلاقة لرؤية ثقافية واضحة محددة الجهات، معلومة التوجه كما نسعى ونخطط ونتمناه لهذا الوطن الكبير، من الوصول إلى مصاف الدول المتقدمة ثقافيا، فالثقافة والوعي هما الكنز الحقيقي للوطن والمواطن.