لم تبق مجموعة عرقية أو دينية بعيدة عن الانتهاكات التي يمارسها تنظيم "داعش" في العراق أو سورية، وهو ما دفع كل هذه المجموعات إلى تشكيل قوة لمقاتلته. وغالبية الأراضي التي استولى عليها تنظيم "داعش" هي أراضٍ ومناطق للعرب السُنة، والغالبية العظمى من العراقيين الذين نزحوا من ديارهم، وتقدر بنحو أربعة ملايين نازح هم من العرب السُنة.

وفي الواقع، لم يكن للعرب السُنة يد في ظهور هذا التنظيم المتشدد، فهم مثل بعض الآخرين، دفعوا ثمن التطرف الذي يقوده التنظيم الذي أسهم بتعميق الانقسامات في المجتمع. يقول زعيم قبلي سني في ربيعة شمال غرب العراق: إن تنظيم "داعش" كان مثل "تسونامي" الذي اجتاح المناطق السُنية، لقد فقدنا كل شيء، بيوتنا وأعمالنا وحياتنا.

ويخشى محللون أن يتحول السُنة إلى طبقة مهمشة ومحرومة حتى من أراضيها التي كانوا يسيطرون عليها يوما ما، وكل ذلك في إطار الدوامة الكبيرة التي خلفها تنظيم "داعش".

يقول السفير الأميركي السابق في دمشق، روبرت فورد الذي يعمل حاليا بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن "إن الأمر يتعدى موضوع السيطرة على الأراضي، فإذا لم يعمل الحكام الجدد للمناطق التي يتم طرد "داعش" منها، على توفير البيئة المناسبة للناس، من خدمات ومدارس ومياه وكهرباء، فإن ذلك سيمنح "داعش" الفرصة من أجل تجنيد مزيد من الناس والعودة مرة أخرى إلى تلك المناطق".

في العراق، حيث تحققت أكبر المكاسب بطرد التنظيم من تلك المناطق التي استولى عليها يمكن أن يمنح العرب السُنة أملا بالعودة إلى مناطقهم. لكن التحدي على ما يبدو سيكون صعبا، فالعقبات هائلة، والموارد شحيحة، وآفاق المصالحة الحقيقية بين العراقيين ما زالت بعيدة.

وعلى الرغم من أن العلاقة بين سكان تلك المنطقة والحُكام الجدد ما زالت تشوبها الريبة والشك، فإن السلطات الكردية تطلب إذنا من كل مقيم بالمنطقة للسفر إلى خارجها، أو حتى للدخول إليها، وذلك يُشكل عبئا كبيرا على السكان الذين عرفوا التجارة مع سورية طيلة عقود.

لقد دفع بأن كل "سُني" هو "داعشي" القوات التي تهاجم المناطق التي يستولي عليها "داعش" إلى إساءة معاملة أهالي تلك المناطق، حيث سجلت منظمات حقوقية دولية قيام الميليشيات والقوات الحكومية بارتكاب جرائم بحق أهل السُنة في تلك المناطق، بل إن العديد من المناطق التي تمت استعادتها من قبضة "داعش" لا يسمح لأهلها بالعودة، كما هو الحال مع بلدة سليمان بيك الواقعة بمحافظة صلاح الدين شمال العاصمة بغداد.