وصل الموفد السعودي الأمير خالد الفيصل إلى لبنان في زيارة تحمل عدة رسائل، أهمها أن المملكة العربية السعودية لن تتخلى عن لبنان العربي وشعبه، وستبقى إلى جانبه وتقدم له كل ما يساعد على حمايته من الإرهاب والتمدد الفارسي وسطوة الأسد وحلفائه.

وصل الموفد السعودي إلى لبنان حاملا سلة من الحزم والأمل. الحزم في إبقاء لبنان بعيداً عن تداعيات الأحداث في سورية، والحزم في مواجهة محاولات إيران -عبر وكلائها- إسقاط الجمهورية واتفاق الطائف، وفي ذلك الكثير من الأمل للشعب اللبناني بأن المملكة لم ولن تتخلى عنهم، وأنها بصدد إعادة العلاقات إلى مستوياتها السابقة، وفتح المجال أمام المستثمرين ورجال الأعمال للعودة إلى هذا البلد، وإقامة المشاريع التي تساعد شبابه على العمل واقتصاده على النمو. دعم السعودية لم ولن يستثني المؤسسة العسكرية والأمنية من الدعم، وإن بحذر شديد بسبب الظروف الراهنة التي تحتم على المملكة في هذه المرحلة دعم المؤسسات الرسمية لمواجهة محاولة إيران عبر وكلائها إسقاط هذه الجمهورية وتحويلها إلى عراق ثان أو يمن ثان!

إن رسالة المملكة العربية السعودية للشعب اللبناني وقياداته حملت دعوة للرئيس ميشال عون لزيارة المملكة، لكن بعد تشكيل الحكومة، وهذه الرسالة السعودية واضحة للجميع: بأن يسهموا بدعم سعد الحريري في تشكيل الحكومة التي ستسهل زيارة ميشال عون الرياض للقاء قياداتها وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ورغم أن المساعدات للجيش اللبناني لن يتم تفعيلها في هذه المرحلة، لكن المملكة ستعيدها بعد تشكيل حكومة لبنانية بقيادة الرئيس سعد الحريري تسعى لحماية لبنان واقتصاده ومؤسساته وشعبه، وتحضر قانون انتخاب عصري يسهم في تأمين إجراء الانتخابات النيابية لتشريع القوانين وخدمة الشعب اللبناني، والنأي بنفسه عما يحدث في سورية بشكل كامل!

الرسالة السعودية واضحة؛ بأن سعد الحريري هو بوابة الجميع لدخول المملكة، وأن المملكة لم ولن تتخلى عنه، بل هي مستمرة في دعمه والوقوف إلى جانبه، وهي لم ولن تتبنى كل الأصوات التي خرجت عن تياره وقراراته لأهداف تراها المملكة مشبوهة ولا تسهم في توحيد الصفوف، بل تسهم في مزيد من الشرخ والتشرذم في الطائفة السنية، وهذا ما ترفضه المملكة ولن تقبل به، وهي واضحة بأنها تدعم جميع اللبنانيين من كل الطوائف، لكنها لن تتخلى عن حليفها الأول في لبنان سعد ابن الشهيد رفيق الحريري!

أيها اللبنانيون.. إن رسالة المملكة العربية السعودية لكم واضحة، وهي أنها شديدة الحرص على لبنان وشعبه، ولن تتخلى عنه ليسقط في شباك إيران ليتحول من لؤلؤة الشرق الأوسط إلى جحيم متقطع الأوصال يتقاتل شعبه ويبحث عن الهجرة. إن ما تجتهد السعودية في منع حصوله في لبنان هو الاقتتال بين مكوناته كما حصل إبان الحرب الأهلية بين 1975 و1990، وهي ستقدم ما أمكن لهذا البلد كي لا يصبح كالعراق وسورية، فهل أنتم مستعدون لمد اليد لهذه المملكة وملاقاتها في منتصف الطريق من أجل وطنكم؟ وهل ستقنعون ميليشيات الإرهاب والقتل الطائفي من الاستمرار في التطاول على المملكة وشعبها وقياداتها والتدخل في شؤونهم الداخلية، والعمل على دعم إيران وميليشياتها في البحرين واليمن والعراق ضد مصالح السعودية والعرب؟

أيها اللبنانيون.. السعودية قدمت منذ 1990 وحتى اليوم مليارات الدولارات من أجل إعادة إعمار لبنان ودعمه اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، ولا يمكن إلا أن نكون على قدر من المسؤولية لرد الجميل والوقوف اليوم إلى جانبها في حربها على الإرهاب وحماية المصالح العربية والإسلامية من الأخطار التي تحيط بنا من كل مكان.

لتكن زيارة الرئيس ميشال عون المرتقبة إلى السعودية بعد تشكيل الحكومة صفحة جديدة نفتحها مع مملكة الخير التي رعت واستضافت عشرات آلاف اللبنانيين، وقدمت لهم كل وسائل الراحة والحياة الهانئة، لتكن بداية رد الجميل لمملكة أثبتت أنها الراعي الأول لكل اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين.

من لا يشكر الناس لا يشكر الله.. فشكرا سلمان بن عبدالعزيز، وشكرا للمملكة العربية السعودية.