قبل أن تصدر الإمارات العربية المتحدة قانونا، فريدا من نوعه، في هذا العام 2016، يسنّ القراءة ويستثمر في الإنسان، ويبني مجتمع المعرفة، وقبل مبادرات القراءة التي حفلت بها العديد من الفعاليات أيضا، كانت وزارة التربية والتعليم قد اعتمدت في منهج اللغة العربية والمعارف الأدبية، للمرحلة الثانوية للعام الدراسي 2007، عملا قصصيا للأديب الياباني "تاكشيما تون"، تحت عنوان تربوي باسم "تمجيد العقل"، أما القصة فقد كانت بعنوان "الشاعر النمر"، نقلتها المترجمة الإماراتية هيام عبدالحميد، عن الإنجليزية. إذاً، فما يحدث في الإمارات، من القراءات والمؤتمرات والمعارض، واعتماد جوائز لها وزنها، كجائزتي الشيخ زايد والعويس، واستقطاب جائزة عالمية مثل البوكر، وتأسيس هيئة للثقافة والفنون نشطة وفاعلة، إلى جانب دور نشر ودور ترجمة، يقوم عليها شباب إماراتيون، والتوجه بكل هذا نحو شرائح المجتمع كافة، بلغات عدة، وعلى رأسهم الناشئة والشباب، كل هذا إذاً ليس بمحض الاجتهاد الفردي، ولا عشواء الصدفة، وليس مجرد تنويع آخر للمناشط الترويجية، ولا تصريف لحركة الوفرة، إنها خطة عمل حقيقية، تبدأ من القرار السيادي، وتمرّ عبر وزارة التربية والتعليم ومؤسساتها، ولا تتوقف ولا تنتهي في مطبوعة أو دار نشر أو فعالية هنا وهناك.

المترجمة الإماراتية هيام عبدالحميد شكرت الوزارة على هذا الانفتاح نحو ثقافات العالم، وقالت: "نحن نريد لشبابنا في مقتبل أعمارهم أن يتعرفوا على أهمية التعدد".

الفقيد قبل عامين، رحمه الله، محمد المزروعي، الذي كانت له أدوار مهمة في نهضة الثقافة والمعرفة، كتب في جريدة الاتحاد 2008 عن قصة "الشاعر النمر": "تتألف مجموعة الشاعر النمر من ست عشرة قصة يابانية، تغطي الفترة منذ الحربين العالميتين الأولى والثانية، وحتى سبعينيات القرن الماضي، أما القصة محل الحديث؛ فتأخذ العقل من جانبه المجاهد، إذ تحكي عن شخص يريد أن يصبح شاعرا كبيرا، فيقرر ترك وظيفته رغم ضنك الظروف واعتراضات الأهل، مشيرة إلى ذكاء سريرته وتفوقه في الأعمال المدنية، باعتباره مواطنا كفأً لذلك إن أراد، وتمضي به الحال لتوضح كيف أنه عانى الأمرين ليحافظ على رغبة الشاعر فيه، وذلك في مزاوجة درامية بين ضرورات الحياة، وبين محاولته استيلاد ذاته بلا أية تدخلات، إلا أنه ومع الصعوبات، وفي تحول خيالي موظف بشكل جيد يتحول الشاعر إلى نمر، يصعد قمة جبل، ويحملق في القمر ويزأر، ثم يختفي عن العيان، خلف شجيرات نضرة، متخطيا بذلك عقبات الصراع مع ماضيه القديم".

ألا يبدو كل هذا جميلا، وصانعا لجاهزية المجتمع، جميلا وداعيا للأمل!