و"السبَاحين" كما يعرفها أهل نجد هي الحكايات القصيرة الخرافية، التي لا سند لها ولا شهود، ولم ترد في أمهات الكتب والوثائق.. يتداولها القروي من باب العبرة والحكمة، وليؤنس بها سامعيه..

اندثرت "السباحين"، فلم يعد أحد يرويها، أو يتناقلها بطريقتها القديمة، أو قل: لم يعد أحد يصدقها.. حتى عاد "سناب شات" -القناة التلفزيونية الشخصية- فعادت "السباحين" مجددا، لكن بأسلوب عصري مختلف.. نزعت الثوب والعمامة والغترة الصفراء، وارتدت الجينز والـ"تي شيرت" والكاب، وبات الجميع يحكيها بمفردات وطريقة مختلفة!

ربما ستبدو السباحين "مهضومة كتير"، كما يقول اللبنانيون، لو سلمت من القطع والجزم بحدوثها.. أعني لو بقيت قصة تساق للعظة، أو للاستدلال، أو لإمتاع السامعين!

بعض مشاهير "سناب شات" ركبوا موجة "السباحين" بقوة، فأصبحوا يقدمون لمتابعيهم قصصا لأول مرة يتم سماعها، ويستعرضون أسماء أبطال القصة، وتواريخ وأماكن محددة، ويقدمونها بطريقة وكأنها حقيقة!

لست واعظا؛ لكن حينما يكون لديك عدد ضخم من المتابعين الشباب يفترض أن تراعي الله فيهم، ولا تقدم لهم الأساطير والقصص الخرافية وتجزم بحدوثها!

ينقل لي أحدهم قصة يرويها أحد هؤلاء عن شخصية عراقية تدعى "يونس بحري"، وكيف أنه ارتبط بعلاقات وثيقة مع بعض زعماء العالم، كالملك عبدالعزيز، وهتلر، وأمراء وزعماء آخرين، وكيف أنه أصبح "مارشال" في ألمانيا، وراهبا في الهند، ومفتيا إسلاميا في إندونيسيا، ومعارضا ومغامرا ومقاتلا وانقلابيا ورياضيا، وله مئات الأبناء والبنات، من بينهم ابن برتبة "أدميرال" يقود الجيش الفلبيني!

يواصل صاحبنا سرد قصته في سناب شات -طبعا دون ذكر أي مصدر!- وكيف أنه حصل على مراتب كبيرة وقام بأعمال عديدة لا تعد ولا تحصى، وفي نهاية القصة يموت فقيرا؛ لا يجد من يتكفل بكفنه ودفنه!

أتقبل مثل هذه القصص، وأروي مثلها أحيانا في "سناب شات"، لكن إطلاقا لا أقدم فصولها، وما يرد فيها على أنه حقيقة.. وإن فعلت لا بد من ذكر المصدر..

مضحك أن تذكر قصة لم ترد على ألسن الرواة الثقاة، وغير موثقة في الكتب والوثائق، والمضحك أكثر أن يكون شهود القصة "أموات"!