رزقت قبل شهر ونصف بطفل أخبرني الأطباء بأنه يعاني من ثقبين في القلب، ويجب عليّ الانتظار لمدة أسبوعين بعد الولادة إذا لم يلتئما فسوف يكون هناك تدخل جراحي. أثناء هذه الأيام العصيبة وترقبي ومتابعتي لهذا القلب الصغير شاهدت صورا متداولة في مواقع التواصل الاجتماعي لمستشفى صامطة، المحافظة التي أنتمي إليها وهو يحترق، ولم يكن الحريق الأول في سلسلة حرائق مستشفيات ديرتي جازان ولم يكن الأخير. أصبت بخيبة أمل كبيرة من رفع مستوى السلامة في مستشفيات جازان التي تعاني أشد المعاناة من قصور كبير في الخدمات الطبية، وواسيت نفسي بأن لنا وطنا كبيرا إذا لم نجد الخدمات الصحية اللازمة في جازان فسنجدها في عاصمة وطني الرياض.
ولكنها أيام قليلة حتى ظهرت أعراض صحية على طفلي مثل الاختناق لمعاناته من الأساس من ثقبين في القلب حتى هرعت به إلى أكبر المصحات الطبية في السعودية "مدينة الملك فهد الطبية" بالرياض، وبعد الكشف عليه وجد الأطباء أن الطفل يعاني من مضاعفات الثقبين في قلبه، ويحتاج إلى عملية جراحية، ولكن كانت المفاجأة وخيبة الأمل الكبرى بأن الأطباء في أكبر وأرقى المدن الطبيبة في السعودية، بل وفي الشرق الأوسط، يطلبون أن أبحث عن مستشفى آخر لإجراء العملية. أخبرتهم بأني الآن في أكبر المدن الطبية في السعودية، وأن لديهم مركز الملك سلمان للقلب الذي يعد من أكبر مصحات القلب في العالم العربي ومجهز بكافة الإمكانيات، فإذا أنتم اعتذرتم عن علاج طفلي فأين أذهب؟!
ولكنهم برروا ذلك بأنه لم يعد لديهم الكوادر الطبية التي تستطيع إجراء العملية، وحينها سارعت إلى البحث عن "واسطة في مستشفيات أخرى أستطيع بها سد ثقوب قلب طفلي الصغير، حتى نجحت في ذلك بعد أن ساندني وزير الصحة السابق الدكتور حمد المانع، والأستاذ علي الشريمي اللذان قاما بكل جهودهما للوقوف إلى جانبي في هذه المحنة، وتهيئة المستشفيات التي تستطيع إجراء العملية لطفلي.
قصة معاناة طفلي مع مستشفيات وزارة الصحة هي صفحة واحدة من رواية المعاناة الكبيرة التي يعانيها المواطن عندما يحتاج إلى عملية جراحية عاجلة، ولم أكن أحب أن أذكر قصتي الشخصية في مقال عام لولا عشمي بأن تصل إلى يد مسؤولي وزارة الصحة، وعلى رأسهم معالي الوزير المحبوب الدكتور توفيق الربيعة، الذي أحببناه من خلال جهوده في خدمة المواطن في وزارة التجارة، والذي أخشى عليه من صعاب التحديات التي تواجهه في وزارة الصحة. قصة قلب طفلي المثقوب ليست سوى قصة قصيرة جدا من مئات الروايات التي تعاني من أمراض مختلفة وتحتاج إلى رعاية وعمليات جراحية عاجلة، ولكن للأسف تجد أشد المعاناة حتى تصل إلى سرير في مستشفى يوفر لها الرعاية والعلاج.
قلب طفلي المثقوب وجدت من يعالجه بالواسطة يا وزارة الصحة بعد أن اعتذرتم عن علاجه، ولكن من سيطفئ سلسلة حرائق مستشفيات جازان ويعالج هذا الثقب والشرخ الكبير في منظومة الرعاية الطبية التي يستحقها المواطن؟!.