سأبدأ المقال بالسؤال: ما ذنب مواطن يسكن في مدينة بعيدة حينما تطرح المشاريع التنموية التي تختص بمدينته ولا يتقدم إليها سوى أنصاف المقاولين؟!
المقاول لن يشد الرحال ألف كيلومتر لأجل خاطر المواطن.. المثل الذي يقول (لأجل عين تكرم مدينة) ليس له مكان في دفاتر التجار!
سأعود للوراء سنوات طويلة، إلى مقال كتبته أطرح فيه فكرة أن تقوم (مجالس المناطق) بالإشراف على إنشاء "شركات بناء ومقاولات"، تحصل على رأسمالها من اكتتاب المواطنين فيها.
في كل منطقة شركة مقاولات كبرى تحمل اسمها.. يكون عملها الرئيس هو تنفيذ المشاريع الخاصة بهذه المنطقة، ولها مجلس إدارة من المنطقة نفسها، يكونون وسط دائرة المحاسبة!
تعقيبات عدة أتذكرها -أحدها من مسؤول كبير، ربما يقرأ هذا المقال الآن- بعضها يرفض الفكرة، ويستغرب طرحها! مضت السنون ولم تحصد المدن البعيدة سوى مزيد من المشاريع المتعثرة.. أغسطس الماضي قرأت أن نسبة المشاريع المتعثرة في السعودية بلغت 40 %!
مطلع عام 2011 ذكر الأمير منصور بن متعب -وزير البلديات السابق- أن المجلس الاقتصادي الأعلى يدرس إطلاق شركات بلدية لعدد من المدن، تتولى مسؤولية تطويرها وتنظيم العشوائيات فيها.. ونقطة آخر التصريح.. فلا أحد يعرف الكيفية والزمن والطريقة.. غادر الأمير، وتم إلغاء المجلس الاقتصادي الأعلى، وذهبت الفكرة!
يوم أمس القريب أقرأ خبرا لم ينل حقه من الاهتمام، ينعش الفكرة ويسحبها للضوء مجددا.. الخبر يكشف أن (أمانة منطقة الرياض) تعتزم تأسيس شركة جديدة برأسمال يتجاوز ملياري ريال، ستطلق عليها اسم "شركة الرياض للتطوير والتنمية".. بنشاطات محدودة.. ونقطة أخرى في نهاية السطر. فلا أحد يعلم متى، وكيف سيكون ذلك!
وزارة البلديات تدرك أكثر من غيرها ندرة المقاول المتميز.. وعدم رغبته في العمل بعيدا عن المدن الكبرى.. ما الذي يمنع أن يتم بحث تجربة أمانة الرياض أمام الرأي العام، ودعمها، وتقييمها، وتعميمها على المناطق البعيدة!