أحمد ضعافي

 

 نحن مجتمع أدمن عشق النقد لمجرد النقد، ننتقد دون أن نكون مؤهلين للنقد ولا مظفرين بعلومه وفنونه وأدواته أو دراية وفهم للواقع والموقف الذي يمر به من وجهنا إليه سهام نقدنا، نروي ظمأنا بغمط الآخرين حقهم المكتسب بجدهم وسموق هممهم وسمو تطلعاتهم.

 نمارس ذلك إسقاطا على الآخرين بشعور أو بدونه، متجاهلين حقيقة افتقادنا ما حظي به الآخرون من ملكات وقدرات ومهارات أهلتهم لتصدرنا. أجزم يقينا بأن اعترافنا بالشعور بالنقص ممض وثقيل على النفس. لا أطلق ذلك الحكم تعميما على الكل، وآسف إن قلت إن جلنا يفعل ذلك. فيما هناك قلة ينطبق عليهم قول الشاعر إيليا أبوماضي:    كن جميلا ترى الوجود جميلا، ومرد جمالهم إلى اعتزازهم بذاتهم وإدراكهم لحجم قدراتهم؛ ولا يجدون غضاضة في الاعتراف بالفضل لأهل الفضل وبالتميز لأهل التميز. نحن شهداء الله في الأرض؛ نثني خيرا على محسن، ونثني شرا على مسيء. وليت أنا ندرك حقيقة فداحة ذلك على الناتج المحلي ووخامة عاقبته على قتل همم الأفراد والفت في عضد المتميزين وتثبيط الجادين.

 إن حقيقة اعترافك بتميز الآخرين لا ينقص من قدرك، ولا يحط من مكانتك، ولا ينقص من عملك شيئا. بل أوغلنا في أمر أشد خطورة باتهامنا للصادقين في إطرائهم ومدحهم للمتميزين بأنهم متملقون ومطبلون بل ومنافقون؛ يريدون من وراء ذلك جزاء وشكورا لاسيما إن كان الممدوح والمطرى عليه رئيسه المباشر أو يفوقه. هناك ناجحون وهناك مميزون كثر، نجحوا لأنهم عموا وصموا عن رؤية وسماع الناقدين بهوى نفس ولهم في نقدهم مآرب أخرى، ونجحوا لأنهم ألقوا السمع للمنتقدين صدقا؛ الذين أهدوا إليهم عيوبهم وأتحفوهم بنثار توجيهاتهم القيمة والنفيسة، فكانوا بذلك حداة وشركاء لركب النجاح والناجحين.

لعلي أسهبت كثيرا في حقيقة النقد الموضوعي والنقد الذاتي وعرجت على الفئتين: الطامعين في تعميم فكرة النجاح وإن لم يكونوا فاعلين في نجاح سواهم وإن كنت أعدهم شركاء نجاح، والآخرين الذين جندوا أنفسهم لمحاربة النجاح الذي لا يحمل بصمتهم الذاتية، يريدون نجاحا حصريا لهم ومن بعدهم الطوفان.  أضع بين أيديكم أنموذجا لأولئك الناجحين الذين ضربوا أصدق الأمثلة في البذل والعطاء والتميز، وضحوا بكل غال لديهم ونفيس، رغبة وطمعا في تحقيق الأمجاد الوطنية متسامين عن رغائبهم الشخصية. إنه معين عطاء لا ينضب ومحرك إنجاز لا يكل ولا يمل؛ إدارة وإشرافا وتنفيذا ومتابعة وتسييرا لإدارة دفة التعليم في منطقة جازان، إنه سعادة الأستاذ عيسى بن أحمد الحكمي، مدير عام التعليم في منطقة جازان، الذي لم يأل جهدا ولم يدخر وسعا في الإتيان بالنجاحات زرافات ووحدانا، والمضي قدما في بلوغ الغايات الوطنية، وتحقيق الأهداف التربوية.