لم تسلم المرأة ذات البشرة السوداء من الإجحاف في الإعلام العربي، فهي إما مغيّبة تماما عن الأعمال الفنية والثقافية، أو تأخذ مكانة سلبية وفي أفضل الأحيان تحظى بدور هامشي لا يذكر. هذه القضية ليست حكرا على الإعلام، لكنها شوهت في الشعر العربي وتفسير الأحلام، حيث اتفق بعض المفسرين على أن "رؤيا المرأة السوداء بالمنام تدل على المرض والوباء".

في دراسة مسحية أجريتها بنفسي على عشرين عملا فنيا عربيا تتضمن أفلاما ومسلسلات وفيديوكليبات غنائية لتحليل مظهر المرأة السوداء وجدت التالي. في المخرجات السينمائية المصرية مثل فيلم "جحيم في الهند" وفيلم "الحفلة" فإن معدل ظهور ذوي البشرة السمراء صفر بالمئة، لا تراهم بالأدوار الجانبية أو حتى كومبارس رغم أن السود يشكلون نسبة لا يستهان بها في الديموجرافيا المصرية. أما في فيلم "سمير وشهير وبهير" فتم تمثيل الرجل الأسود دون المرأة بصورتين الأولى كونه يمتلك قوة خارقة كأن يقتلع الشجر ويقتل ضحاياه جماعيا، أما التصوير الثاني فكان الأسود هو الخادم. والحال أن تنميط الرجل الأسود بمنظر إجرامي أو خدمي إما يرسخ اختلافهم أو عبوديتهم، وفي كلتا الحالتين هذان التنميطان يدعوان إلى العنصرية وخاطئان ولا يصدران إلا من إعلام غير مدروس.

لا يختلف الفن الكويتي عن ذلك كثيرا، عاملة المنزل أو رئيسة الخدم في مسلسل "زوارة خميس" كانت امرأة سوداء سمينة. مسلسلات سعودية شعبية مثل "شباب البومب" و"مستر كاش" مثّلت الرجل الأسود بشكل متواضع، أما المرأة السوداء فلا تزال غائبة تماما. المطربون أمثال شيرين، بلقيس فتحي، أنغام، إسماعيل مبارك وائل كفوري وغيرهم اتهموا بتغييب ذوي البشرة السمراء من أعمالهم، خصوصا المرأة. ربما الوحيد الذي عرض المرأة السوداء في أحد أبرز أعماله الغنائية هو سعد المجرد في "المعلم"، بل كان عرض المرأة السوداء في عمله جيدا ومنصفا، فقد بدت لا تقل جمالا عن الشقراء أو القمحية.

باختصار، ما الذي يخطر على ذهنك حين تفكر في المرأة السوداء؟ سمينة؟ مغنية شعبية؟ صاحبة مشاجرات؟ مسترجلة؟ سارقة؟ كل هذا وأكثر تسبب به طرق تمثيل السود في الإعلام المحلي والعربي بشكل عام. وفقا لـ"الهافينقتون بوست": سُئلت أكثر من 1200 امرأة سوداء عن رأيهن في منظرهن في مختلف وسائل الإعلام فكان الجواب المتفق عليه بأن تمثيلهن سلبي، بل اتفق 87% ممن خضعن لهذه التجربة أن الإعلام يصورهن كمحتاجات وفقيرات. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل سننتظر أن تفتت هذه الأساليب التمثيلية غير العادلة ما تبقى لدينا من تعايش وتقبل للآخر؟ أم أننا سنتحرك كما سبقتنا أميركا وأوروبا واليابان لإنتاج مؤسسات تراقب مثل هذه القضايا الثقافية بعد اليقين بقدرتها على تشكيل مفاهيم وأفكار الجماهير.