كرَّس الرئيس الأميركي باراك أوباما كثيرا من رحلاته الخارجية الأخيرة، التي يقوم بها في الفترة المتبقية من ولايته، لطمأنة الحلفاء الأوروبيين بأن واشنطن ستحافظ على التزاماتها الأمنية تحت رئاسة دونالد ترامب والبقاء وفية لمبادئ الديمقراطية. وقبل مغادرته واشنطن، التقى أوباما بترامب وقال إن الرئيس المنتخب "أعرب عن اهتمام كبير بالحفاظ على علاقاتنا الإستراتيجية الأساسية مع حلفائنا"، بما في ذلك الشراكات "القوية والمتينة" مع حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ولكن هذه الرسالة لا تكون ذات مصداقية ما لم يسمعها العالم مباشرة وبشكل لا لبس فيه من ترامب، الذي قضى شهورا في الحملة الانتخابية يحط من مقدار حلف الناتو ويصر على أن أعضاء الحلف عليهم أن يدفعوا أكثر للدفاع عن أنفسهم.

إن ترامب ليس مصدر القلق الوحيد إزاء الديمقراطيات الغربية، التي تبدو الآن مهددة من الزعماء المستبدين من جميع الأطراف. وتدل صورة وزعت على وسائل التواصل الاجتماعي على أن قيادة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يمكن أن تتألف قريبا من: رئيس روسيا الاستبدادي فلاديمير بوتين ورئيس الصين القومي شي جين بينج، واليمينية المتطرفة مارين لوبان، إذا فازت في الانتخابات الفرنسية العام المقبل، والمتقلب باستمرار دونالد ترامب، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، التي لم تختبر بعد.

إن القادة الغربيين في تلك المجموعة قد يكونون بعيدين كل البعد عن قادة الحرب العالمية الثانية، التي بنت المجتمع الأطلسي، وعززت القيم المشتركة للتسامح وحقوق الإنسان، وخلقت شبكة من المؤسسات، مثل حلف الناتو، الذي حافظ على السلام وساهم في النمو الاقتصادي.

لا عجب أن أوباما وآخرين لم يفقدوا فرصة الحديث عن القيم الديمقراطية الأساسية. ففي اليابان، أول محطة له في الخارج، قال أوباما: تظهر ديمقراطيتنا أننا أقوى من الإرهابيين، والأصوليين والحكم المطلق، الذين لا يمكنهم التسامح مع من يخالفهم... الذين يحاولون تغيير طريقة حياة الناس بأسلوب العنف.

إن مثل هذه الضمانات ضرورية لأن هناك عوامل تهز التحالفات والوحدة الأوروبية، مثل الهجرة إلى أوروبا بأعداد هائلة من اللاجئين الفارين من سورية والصراعات الأخرى، وارتفاع كراهية الأجانب للقومية، والركود الاقتصادي وتحركات فلاديمير بوتين التوسعية في أوكرانيا.

في مقال شارك في كتابته الرئيس أوباما مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل نشرته صحيفة ألمانية، دحض أوباما ضمنا جدول الأعمال المنصوص عليه في حملة ترامب مع نداء من أجل مزيد من التعاون عبر الأطلسي على كل شيء، من تغيُّر المُناخ والأمن إلى العولمة والدفاع عن عالم أكثر شمولية وترابطا. وأكد المقال المشترك ليس فقط على دور ميركل كزعيمة لأوروبا، بل يرى أنها واحدة من بين زعماء العالم الحاليين الذين يبدو أنهم قادرون على أن يخلفوا أوباما في حمل لواء الديمقراطية الغربية.