ما سبب عدم مواكبة الأغنية الدينية للشعور الإسلامي العام الذي تتميز به الشعوب المسلمة، التي تتسم في طابعها العام بالتدين؟ ما السبب في ظهور أغان دينية تقليدية، هادفة من حيث المعنى، ونبيلة من حيث القصد، ولكنها فقيرة من ناحية الإبداع الشعري؟ ولماذا كسر ألبوم المطرب اللبناني وائل جسار هذه القاعدة، وحقق انتشارا وصل إلى الآفاق؟

المتتبع لتاريخ الأغنية الدينية سيكتشف قلة الأعمال المميزة بها، حيث ظلت الأغنية "الدينية" شأنها شأن "أغاني الأعياد" .. أغنيات مناسباتية لا تظهر إلا في المناسبات كشهر رمضان وموسمي الحج والعمرة، وعندما يبدأ الموسم، ويحتاج المسؤولون عن الفضائيات والإذاعات العربية لأغان دينية، يسرعون للأغنيات الدينية الكلاسيكية التي قدمها جيل الرواد مثل "يا رايحين عند النبي الغالي" لليلى مراد، و "رمضان جانا " لعبد المطلب، و"إلى عرفات الله" لأم كلثوم و"ياحج يا مبرور" لطلال مداح.

المستمع للأغاني الدينية الحالية سيكتشف أنها في معظمها مجموعة من التعبيرات الدينية المتوارثة رتبت في شكل نص غنائي، وهي رغم جلال معانيها وعظم قيمتها وأهميتها تختلف عن النص الشعري بمقوماته الفنية المعروفة.

النص الشعري له مقوماته الفنية التي تتركز في المعنى الجديد والصورة الشعرية المبدعة، وهو يتكون من مقومات أدبية كثيرة مثل البيان والاستعارة والتشبيه والبلاغة وغيرها، والشاعر المبدع هو القادر على استخدام هذه الأدوات في ابتكار صورة شعرية تعبر وتؤثر في المستمع.

لقد نجح بعض الشعراء في تقديم نصوص غنائية جميلة تستلهم المعنى الديني وقصص الصحابة رضوان الله عليهم ورحمة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ولكن في قالب شعري جديد تبرز فيه قيمة الصورة الشعرية.

لقد قدم وائل جسار الأغنية الدينية الجديدة التي لا تعني تكرار المعاني، ولكنها تقدم المعاني في صور شعرية جديدة مبدعة، وساهم في رواج "الأغنية الدينية" وإقبال الكثيرين على تقديمها، ولكن الأهم أن يعرف هؤلاء الذين سيسيرون خلفه السر الحقيقي لنجاحه، وهو تقديم الصورة الشعرية المبدعة.