بعد تحقيق التقويم الشامل نجاحاته في العالم مع بدايات التسعينات سعى وزير التعليم الدكتور محمد أحمد الرشيد ـ رحمه الله ـ لنقله إلى المملكة، لذا أقنع مجلس الوزراء بدعم رؤيته، وبنى فريقا من أساتذة الإدارة التربوية من جامعة سعود وأم القرى، وأرسلهم إلى الدولة الأسبق في تقويم التعليم بريطانيا، وعمل الفريق على زيارة بريطانيا ومدارسها عدة مرات، وعملوا على ترجمة أدواتهم، بل وتمت حوسبته ودفعت الملايين في ورش عمل ومؤتمرات إلخ، وأعلنوا أنه سيمر بخطة خمسية، للأسف أنها كما يقول الباحثون وهم كثر لم تكتمل، ويعللون ذلك بعدة أسباب، أهمها: أن المسؤولين في التعليم بالطبع بعد رحيل الرشيد رحمه الله وجدوه مكلفا وغير مجد، بالمناسبة بريطانيا أكملت 24 سنة، وكل عدة سنوات تطور البرنامج وتضيف وتعدل حتى أصبح التعليم البريطاني من أهم تجارب التعليم عالمياً.
لن نتحدث عن الهدر في الوقت والمال هاهنا، لكن مثل ما يقول إخواننا المصريين "خلوها في بالكم"
الباحثون يشيرون إلى عام 2006 لتوقف العمل الفعلي للبرنامج، لكنه موجود لكن على استحياء في الإدارات التعليمية، فماذا يعملون بالمشرفين العاملين عليه؟ بعدها وجد ما يسمى الجودة الشاملة، وبذل فيه المشرفون الغالي والنفيس، واشترى الكثير منهم شهادات دكتوراه وماجستير وانغمس الباحث السعودي فيه لتصبح الجودة مصدرا لإرهاق المدارس ومجالا لعشاق التنظير وإلا ما الفرق بينها وبين التقويم الشامل؟ في الحقيقة الجودة تنسب لأميركا والتقويم الشامل لبريطانيا، وهما يعملان لنفس الهدف، لكن "ربعنا" يحبون العبارات التي تضيء كلوحات النيون، وتجذب الفراشات التي تموت غالباً.
في نفس الوقت قامت وزارة التعليم بإعداد جائزة أسمتها جائزة التعليم، ونفس المبالغ صرفت عليها لإعداد معاييرها، وتجنيد العشرات للقيام بالتقويم مع ملايين المكافآت التي تشكل هدرا حقيقيا في ميزانية الوزارة، أضف إليه الوقت وهو أهم.
بعد ذلك أصدر مجلس الوزراء قراره التاريخي بإنشاء هيئة تقويم التعليم كمؤسسة مستقلة ترتبط بمجلس الوزراء، وترسل تقاريرها أيضا لوزارة التعليم.
ما الهدف من التقويم الشامل؟ ما الهدف من تقويم جائزة التعليم؟ ما الهدف من تقويم هيئة تقويم التعليم؟
تطوير التعليم هل أدواته واحدة؟ في الحقيقة هي متشابهة إلى حد ما، هل جيوش الموظفين هنا وهنا وهنا يتسببون في هدر مالي وهدر في الوقت والجهد؟ نعم ولا شك، إذًا لماذا تتأخر عن توحيدهم في النهاية، كلهم يتبعون الحكومة، ويسهل أن تفعل مثل ما فعلت بريطانيا، تقويم التعليم مسؤولية Ofsted فلماذا لا يكون مسؤولية هيئة تقويم التعليم واختصارها PEEC.
وكما هو معلوم من موقعها لقد اكتملت معاييرها وبدأت فعلاً بالتقويم، وإذا كنت ستعطي جائزة فلتعتمد على النتائج التي ستصدرها الهيئة.
عندها لن يتوقف الهدر، بل ستتخلص الوزارة من آلاف المشرفين العاملين في التقويم ومرتباتهم وتنقلهم للهيئة، ومن لا يرغب إذا كان أهلا للتدريب يذهب إلى التدريب، ومن ليس أهلا لذلك يعود معلما.
وتخلو إدارات التعليم إلا من منسقين ومنظمين يعملون كحلقة وصل بين الوزارة والمدارس.
إن هذا سيخدم الرؤية والتي تستهدف الهدر وتوحد الجهود وترقى بالتعليم وتبقي الوزارة تحت رقابة مؤسسة مستقلة تدفعها إلى التطوير وقبله الإصلاح.