قلة عدد السجون مؤشر لحالة الاستقرار والأمن التي تعيشها البلد، والعكس صحيح تماما.. كلما ازداد عددها فهذا مؤشر غير جيد لحالة المجتمع!

نحن اليوم بحاجة لتطبيق أوسع لسياسة العقوبات البديلة، السجون لدينا تكتظ بأشخاص يقضون عقوبات باستطاعتنا استبدالها بعقوبات نافعة، أو أعمال خدمة اجتماعية، أو العناية بالمساجد أو دمجهم في مؤسسات تطوعية وخيرية واجتماعية.

ليس أفضل من سياسة الاحتواء مع المخالفين للأنظمة، خاصة فئة الشباب الذين يقبعون خلف القضبان الحديدية، بالرغم من كون الجرم الذي ارتكبوه يحتمل عقوبات بديلة، كبعض الذين لا تتجاوز جريمتهم "التفحيط"، مع الأخذ في الاعتبار استثناء أرباب السوابق أو الذين يشكلون خطرا على غيرهم.

في أحد الأيام تم عرض قضية على أحد المسؤولين -كما يرويها لي بنفسه - فوجدها تتعلق بشاب صغير في السن، جريمته هي التفحيط وزعامة مجموعة كبيرة من المفحطين وعشاق هذه الهواية الخطرة.. يقول: كان باستطاعتي أن أتركها تأخذ مجراها، والنتيجة المنتظرة هي سجن الشاب، لكننا قمنا بدراسة القضية، وتأكدنا من عدم تعارضها مع أي أحكام، أو أنظمة، وفضلنا التنسيق مع الجهات ذات العلاقة بمثل هذه القضايا، وتوصلنا إلى دمج هذا الشاب في "مجلس شباب المنطقة"، وأسندت إليه مهمة في المجلس، وقد لا تصدق -يقول لي- كيف استطعنا عن طريقه احتواء عدد آخر من الشباب، ونجحنا في تعديل مسارهم؛ ليصبحوا نافعين في المجتمع.

الخلاصة: نحن بحاجة للتوسع في الأعمال والعقوبات البديلة.. بل إننا في بعض القضايا بحاجة لتجاوز العقوبات البديلة ذاتها إلى الاستفادة الفعلية من طاقات ومواهب الشباب في أعمال تخدم المجتمع، وإعادة ثقتهم بأنفسهم.. ذلك أفضل من أن يكون لدينا مجموعة من خريجي السجون، نطلقهم اليوم، ليعودوا إلى سلوكياتهم، فنعود مجددا ونقبض عليهم، ونقوم بسجنهم! كفانا الله وإياكم شر السجون.