مرة أخرى، أحبط المجمع الانتخابي الإرادة الشعبية في الانتخابات الرئاسية الأميركية، على الرغم من أن هذه الحقيقة تبدو ضائعة وسط الدهشة العامة من فوز دونالد ترامب. وللمرة الثانية خلال 16 عاما، والمرة الرابعة في تاريخ الولايات المتحدة، يكون الفائز في التصويت الشعبي في الانتخابات الرئاسية الأميركية هو الخاسر بفوز المجمع الانتخابي. هناك العديد من الأسباب الوجيهة للتخلص من المجمع الانتخابي، ولكن الأكثر أهمية هو أنه لم يعُد يُمثل معتقداتنا السياسية الأساسية حول كيفية العملية الديمقراطية.
ربما من الصعب بالنسبة لنا أن نتصور أن المؤسسين الذين صاغوا الدستور الأميركي قد وضعوا أحد المبادئ الأساسية وفق معتقداتهم التي أدت إلى الانتقاص من شأن أصوات الشعب. لقد تم اختيار أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي عموما بتشريع الولايات، وفقط أعضاء مجلس النواب هم الذين تم انتخابهم مباشرة بواسطة الشعب. كما أن هناك قوانين من بعض الولايات لا تسمح للسود والنساء بالتصويت. وفرضت معظم الولايات أيضا قيود الملكية التي حافظت على مستوى أقل من الرجال البيض في قوائم التصويت.
إن إنشاء المجمع الانتخابي نظام زورته لجنة التحكيم التي اعتمدته فقط بعد أن قرر المؤتمر الدستوري أن اختيار الكونجرس للرئيس من شأنه أن ينتهك مبدأ الفصل بين السلطات.
تدريجيا، لقد شاء لهذا البلد أن تكون له وجهة نظر مختلفة تماما للديمقراطية... فخلال القرن الـ19 تم القضاء على معظم القيود المفروضة على التصويت لمصلحة الرجال البيض، وأعطى التعديل الـ15، الذي صدر بعد الحرب الأهلية، حق التصويت للرجال الأميركيين الأفارقة. وسمح التعديل الـ19 الذي تم التصديق عليه عام 1920 للمرأة أخيرا بالتصويت، وبدأت الانتخابات المباشرة لأعضاء مجلس الشيوخ في عام 1913 عندما تم التصديق على التعديل الـ17.
وبغض النظر عن المرشح الذي فضله الناخبون هذا العام، فإنني لم أجد واحدا من الأشخاص الذين اجتمعت بهم حتى الآن يؤمن بأن التصويت الشعبي أقل شرعية من المجمع الانتخابي. فكلما جاءت نتيجة التصويت الشعبي والمجمع الانتخابي بطرق مختلفة، يظهر تقويض شرعية الفائز في نهاية المطاف، وتثار الشكوك في مفهوم النظام الانتخابي.
ربما قد حان الوقت لفعل الشيء الصحيح قبل إحباط إرادة الشعب مرة أخرى. وإذا كنا نريد حقا أن نكون بمثابة نموذج للديمقراطية لبقية العالم فينبغي أن نبدأ التصرف بنظام انتخابي واحد، خصوصا عندما يتعلق الأمر بأعلى منصب في البلاد.