قال الله تعالى في كتابه العزيز ?لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ?، بهذه النظرة المتفائلة تبدأ أولى خطوات التعامل مع الأزمات والأحداث بشكل صحيح وموضوعي، فالأزمة مهما كان قوتها وعمقها وتأثيرها ستزول بمشيئة، الله تعالى، إما بمواجهتها والتعامل معها أو إهمالها ونسيانها وتجاهلها، والأزمة مصطلح ومفهوم يقصد به (حدوث أمر طارئ يجعل له الأولوية)، والأزمة موجودة منذ خلق الله الأرض كحادثة طبيعية تمر بالأرض والإنسان نتيجة الحروب والكوارث، ومما يسهل تقبل هذا المفهوم هو أن معظم الأنبياء مرت بهم أزمات اجتماعية واقتصادية في حياتهم، فكيف بالدول والأفراد؟ فهذا نبي الله يوسف مرت في عصره أزمة اقتصادية اجتماعية تاريخية. وكل أزمة يمر بها الإنسان أو المجتمع تحمل في جوانحها وطياتها جملة من الإيجابيات الناتجة والفوائد والدروس الواعظة، فيكفي أن الأزمات تحمل الإنسان وتدعوه للجدية والتحدي والمواجهة، ولهذا الصينيون يسمون المشكلة (فرصة)، حيث تدفعه للمشاورة والبحث عن الحلول الممكنة، وتستثير قواه الفكرية والعقلية لإيجاد الحلول والمخارج المتاحة، وتمنحه مهارة التفكير التنبئي والإبداعي نتيجة الدرس الذي عانى منه، ويكفي أنها تبني في الآدمي روح الرضا والتقبل، وكما يقال "الضربة التي لا تقتلك تقويك". وهذه مجموعة أمثلة لتقريب الفكرة وتوضيحها:

قطاع الدفاع المدني الذي يعمل في مدينة يقطنها عدد قليل من السكان، فمهما كان العاملون يملكون الإعداد الجيد فهم ليسوا كالأفراد العاملين في إحدى المدن الكبيرة المزدحمة بالعمران والناس، حيث إنهم يعملون بشكل نشط ودائم ومرت بهم مئات التجارب التي منحتهم القوة والنشاط والخبرة، فهم مختلفون بحكم تكرار المواقف والأزمات، وقس على ذلك المقارنة بين الأشخاص الذين لوعت مرارتهم الحياة بتقلباتها وشخص آخر في العمر نفسه عاش بعيدا عن الأزمات والأحداث، وكذلك على مستوى الدول اليابان مثلا -قبل قنبلة هيروشيما ونجازاكي- ماذا كانت وكيف أصبحت. وما أصدق العبارة القائلة (بأن مواجهة الأزمات خير من الهروب منها)، لأن المواجهة تمنحنا أمرين: علاجها في الحاضر والوقاية من تكرارها في المستقبل، والأمر نهاية يرجع إلى نظرة الإنسان للأزمة، فإن رآها تحديا فهو سيسعى للتعامل معها، أما إن رآها عائقا فإنه سيستلم ويسلم لها الأمر.