خَطَّتْكِ في (اللوحِ) أقلامُ (المقاديرِ)

رمزَ الـحَمامِ وعنوانَ العصافيرِ

فداءُ طُولِكِ في علياءِ عِزَّتِهِ

عُمْرٌ يطولُ كأعمارِ الأساطيرِ

خُضْـرُ الجدائلِ لم تبرحْ تُـمَشِّطُها

يَدُ الشموسِ بأمشاطٍ من النُّورِ

تبختري في فصولِ الوقتِ سَيِّدَةً

حَمَّالَةَ الخِصْبِ خضـراءَ (المشاويرِ)


تحدد هوية الشاعر وجهته الجغرافية من خلال توظيفه للرمز الشعري الحاضر والطاغي في لغته و قصائده.. الشجرة منذ أمد هي رمز حاضر في قصيدة الشاعر العربي وفي كل العصور..

أين نيمم وجوهنا شرقا، غربا شمالا، جنوبا، نجد الشجرة حسب بيئة الشاعر وأين يعيش هو ورمزه..

وجدنا النخل قد ارتوى شعرا وحبا وحضورا عند شعراء العراق والأحساء.. الأبيات أعلاه للشاعر جاسم الصحيح وهي واحدة من عشرات القصائد التي نظمها هو وأبناء مدينته في معشوقتهم وأمهم الأولى (النخلة). ويقاسمهم البر والوفاء شعراء العراق..

كثيرا ما وقفت عند هذا البيت من قصيدة الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد من قصيدته (سلام على بغداد): وآخيت فيها النخل طبعا فمبسرا.. إلى التمر والأعذاق زاه قطافها.

أو قوله:

تركت ربا بغداد شطبا نخيلها

مقيم محياها على الحدثان

يتبع هذا التوجع على فراق النخلة بعد مؤاخاتها ومن تتبع هذا رأى الدليل على الاقتراب منها كجزء أساس من الوطن، وأن فراقها رمز فراق الوطن.. في أرض (العرعرة) - عسير - نجد حضورها في قصائد الشاعر العسيري ومعها الريحان. وتأتي بعض الأشجار الأخرى (السدر والطلح والتالق).

وللشاعر أحمد عسيري نص بعنوان (التالقة ).

ولمعظم شعراء عسير نص لكل منهم على الأقل يحمل اسم شجرة أو نبتة من المكان.. الريحانة للشاعر محمد العمري. وفي شعراء عسير تهامة يأتي السدر في "رثاء عمر" لإبراهيم طالع حين استحضر سدرته:

لم تعد بين سدرنا الطير جذلى

والأفانين ما لها خضراء؟

وحين نهبط إلى شعراء جازان أرباب الفل والكادي، نشم عبق الفل في نصوصهم.

كتب الشاعر أحمد الحربي:

أنا سيّد العشاق.. فوق وسادتي...

ألمٌ ينام.. و(جعب فلّ) يشهدُ.

أما لدى شعراء الصحراء فنجد الخزامى تعطر قصائدهم.

تناول العديد من الباحثين والمهتمين بالشعر الرمز وتحديدا في الشعر العربي المعاصر. ويعرف الرمز بعدة تعريفات جاءت في معاجم اللغة..

ذكرت الشجرة عند الشعراء العرب لكونها الرمز المتفق عليه في جهات الوطن العربي، ففي فلسطين يرمز "الزيتون" للسلام، في العراق والأحساء ترمز "النخلة" للعطاء والبذل والرفاه الدائم، في عسير ترمز "العرعرة" لعمق التشبث بالأرض والارتباط بها، وفي جازان يرمز الفل إلى الحس المرهف الأبيض والشفاف.. وهكذا كل شجرة ترمز إلى شيء متفق ومتعارف عليه وعلى قيمته المادية النفعية أو الجمالية مما تألفه النفوس وترتبط به الأمكنة.