ميدالية فضية للعرب.... ميدالية أخرى للعرب.... ميدالية ذهبية للعرب....!... تقام الأفراح والليالي الملاح كما تقام عندما تبشر الداية أن المولود جاء ولداً.

نعم هكذا فعل بعض المعلقين الرياضيين في بعض المحطات عندما نال لاعب عربي أول ميدالية في دورة غوانزو، ولولا العيب لزغرد فرحاً وافتخر وكأن العرب فتحوا الأندلس مرة ثانية وربما فتحوا غوانزو.

العرب على منصات التتويج من أصل 9074 لاعباً من 45 دولة يمثلون 4 آلاف و750 فريقاً رياضياً ويتنافسون في 476 حدثاً، فيما يبلغ عدد الميداليات التي ستوزع في الدورة 3989 ميدالية ملونة استطاع العرب كل العرب في آسيا أن يقبضوا حتى الآن على عدد من الميداليات لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة... ونفتخر.

هذه طبيعتنا نفتخر دائماً.. نفتخر لأقل سبب... فمثلاً إذا لم يرم مواطن ورقة على الطريق نفتخر... إذا وقفنا بالدور لشراء حاجياتنا نفتخر... إذا لم نقاطع حديث الآخرين بعصبية نفتخر... إذا لم نفّحط بالسيارة نفتخر... سبحان الله نحن شعوب خلقنا لنفتخر حتى في البديهيات التي تفعلها الشعوب المتحضرة كجزء من تركيبتها الإنسانية في سياق حياتها اليومية العادية.

وها هم من أصل 3989 ميدالية حصدوا كم ميدالية واعتبروا ذلك نصراً مبيناً!.

لا نقلل من حجم نجاح لاعب صنع البسمة وسط هذا الكم من الحزن على واقعنا، ولكن خلّونا (نبق البحصة ونخلص)... نحن نضحك على أنفسنا... نضحك على شعوبنا... إن لم نخدع أنفسنا ونخدع شعوبنا... نجيد الكلام المعسول فتعرّينا الاستحقاقات المتتالية ونحاول أن نختبئ وراء شعار أو جملة تصنع منها مجداً مزيفاً... (العالم فين... ونحن فين)... ماذا ينقصنا حتى نكون مثلهم؟..

أنا أقول لكم ماذا ينقصنا وأنتم زيدوا من عندكم ما تشاؤون... ينقصنا التخطيط... فنحن نعيش اللحظة ولا نخطط للمستقبل... العالم يشتغل للأفضل ونحن نشتغل ببعضنا البعض... العالم يربي اللاعب على ثقافة الفوز ونحن نربيه على الدلال... والاستثناءات هنا ليست مؤشراً لأن الحديث في الواقع العام لا يقف عند الطفرات التي نحترمها ونشجعها ولكنها أبداً ليست معياراً لمدى التطور الحاصل... هل يمكن القول إن حدودنا باتت فقط الدورات العربية والخليجية؟... إذا كان الأمر كذلك فلماذا تصرف الملايين على مشاركات غير مجدية؟... ليست فقط غير مجدية إنما في كثير منها لا تدخل حتى في بند الاحتكاك المطلوب، لأنه مثلاً عندما يخسر ملاكم بعد عشر ثوان بالضربة القاضية فهو لم يحتك أصلاً، وعندما يكون الفرق شاسعاً بين سباح وآخر فهو ليست لديه القدرة على مجاراته في يوم من الأيام!...

نعتقد أن المطلوب من الاتحاد العربي للألعاب الرياضية أن يقف وقفة جادة مع نتائج العرب في هذه الدورة يدرس ماذا يفعل كي يساهم في تطوير الرياضة العربية، وطبعاً ستقف كل دولة على حدة حول نتائجها المخيبة لأننا بصراحة لم نشعر بالخيبة فقط وإنما بالخجل أيضاً... ومن أنفسنا أولاً.