هناك افتراض بأن سقوط تنظيم داعش في مدينة الموصل العراقية سيؤدي إلى زيادة الهجمات الإرهابية على الغرب مرة أخرى. وتخشى أوروبا من تدفق تلك العناصر التي تشعر بأن أوروبا مرمى لها من المحتمل أن تعوضهم ما فقدوه من أراض في ساحة المعركة في العراق، في حين أن كثيرا من المقاتلين قد يرغبون في مغادرة "داعش". ولكن هذا الافتراض يستند إلى مجموعة احتمالات معيبة لما سيحدث بعد ذلك، وإدراك إلى أي مدى يمكن أن يزداد التهديد الإرهابي. وقد تواجه أوروبا بعض الحوادث الإرهابية المرتبطة بفشل تنظيم داعش أو مجموعات أخرى، ومن المرجح أن يستمر هذا التهديد بشكل أكبر مما كان من قبل. وليس من الواضح لماذا أحجم تنظيم داعش عن إطلاق موجة جديدة من الهجمات حتى الآن.
يبدو من الصعب أن نجري مقارنة لما نراه يحدث في العراق الآن، ولذا فإنه قد يُشكل سابقة، لكن المقارنة التي ربما تكون الأكثر وضوحا هي صراع أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي. ففي أعقاب هزيمة موسكو، كانت هناك حالة من الفوضى في أفغانستان من تدفق المحاربين المدربين الذين لديهم دوافع أيديولوجية تنتشر في أنحاء العالم. وهذا نتج عنه إقامة شبكات متطرفة شنت هجمات لعدة لسنوات تحت مظلة تنظيم القاعدة، فضلا عن التمرد والحروب الأهلية في شمال أفريقيا.
ومع ذلك، فإن هذه المقارنة ليست دقيقة تماما لحالة "داعش" ما بعد الموصل. قد تكون لعناصره خسارة لواحدة من المدن الرئيسية، حيث لا يزال لديه أرض معركة أخرى في سورية، يمكن لعناصره اللجوء إليها. وقد تكون أراضي "داعش" في تراجع، لكن حتى لو فقدها فإنه سيلجأ إلى مناطق غير محكومة في البلاد، مما يعني أنه سيكون من المستحيل القضاء عليه تماما.
وإذا نظرنا إلى مستوى المقاتلين كأفراد فقد تكون لديهم مجموعة متنوعة من الخيارات: قد يحاول بعضهم العودة لديارهم، وبعضهم قد يلجأ إلى ساحات قتال أخرى لمواصلة تمردهم، وبعضهم الآخر قد يتغيَّر حاله بكل بساطة ليواصل القتال ضد نظام الأسد تحت راية مختلفة.
والمُقلق أكثر من هذه التداعيات المحتملة إنشاء شبكات إرهابية في بلدان ثالثة، مثل أجزاء من جنوب شرق آسيا، وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وعلى الرغم من أن القوات العسكرية في بعض هذه البلدان قد تحسنت أيضا، إلا أنها لم تكن موحَّدة وتعتريها بعض الثغرات البارزة. ومن تلك الأماكن، من السهل نسبيا أن يقرر أكثرهم العودة إلى ديارهم، بدلا من اللجوء لساحات القتال الأخرى.
سوف يثبت فقدان "داعش" للموصل لحظة مهمة لعناصره، لكن الخطر المحتمل هو من غير المرجَّح أن يتغيَّر "داعش" فجأة، بل من المرجَّح أن يتمحور، ويتطور، ويستمر في أن يكون جزءا من نسيج تهديد إرهابي يواجهه العالم لبعض الوقت مستقبلا.