فيما كثفت قوات الأسد غاراتها على بعض المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة، برزت أسئلة حول ما يجري في الشمال السوري، ودور روسيا وإيران في إدارة المعارك في هذه المناطق.
وحسب تقارير فإنه خلال الأسبوعين الأخيرين، ومع دخول الأسطول الروسي وحاملة طائراته "الأميرال كوزنتسوف"، المعركة ضد المعارضة السورية لأجل السيطرة على حلب، ظهرت ثلاثة تطورات ميدانية بارزة، تؤكد فشل إيران في تحقيق خرق على جبهة حلب، ومحاولتها لإقحام تركيا ولبنان للتغطية على هذا الفشل.
الأول تجسد في إعلان دوائر في ميليشيا حزب الله عقد اجتماع بين مسؤولين في هذه الميليشيا وضباط روس في منطقة حلب، تم خلاله بحث خطط محاصرة حلب الشرقية التي تضم ربع مليون مواطن والقضاء على مقاومتهم. وجاء الاجتماع غداة فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية، وسط تصريحات سورية وروسية بالقضاء على معارضة حلب وتحريرها، قبل تسلم ترامب مهامه في 20 يناير المقبل.
حزب الله والروس
ظهر التطور الثاني بعد أقل من أسبوع على اجتماع ممثلي حزب الله بضباط روس في حلب، حيث أعلنت صحيفة "أزفستيا" الروسية في 18 نوفمبر الجاري، أن الحزب نقل لواء من مقاتليه إلى ضواحي حلب للسيطرة عليها، على أن يهاجم إدلب لنفس الغرض. وقالت الصحيفة إن مجمل قوات المساندة التي أرسلها الحزب إلى سورية بلغ خمسة آلاف مقاتل مع آلياتهم ومدافعهم للمشاركة في قتال المسلحين بحلب والتوغل فيها.
ويرى خبراء روس أن إيران تحشد في سورية حوالي 10 آلاف عنصر من حزب الله، وستشكل هذه الميليشيات مع الفرق الإيرانية مجموعة عسكرية ضخمة بمعايير الحرب الأهلية، إلا أن هذه الحشود مدعومة بطيران النظام وروسيا لم تغير كثيرا في واقع معارك الجبهات بحلب، إذ بقيت مواقع المعارضة صامدة، فيما قتل ما يزيد على 100 وأسر أكثر من 30 من عناصر النظام والميليشيات الموالية له خلال 45 يوما من معارك حلب.
مشروع التخريب
في المسار الثاني من التطور الأخير، نفذ الجيش اللبناني مداهمة روتينية لعناصر يشتبه في انتمائها إلى داعش، فيما أعلن الإعلام الإيراني أن آلاف الدواعش يستعدون لدخول لبنان والتمركز في بلدة عرسال الحدودية، علماً بأن الحدود الشرقية للبنان من الجانب السوري تقع في معظمها تحت سيطرة حزب الله وقوات الأسد. ويربط مراقبون بين هذين الحدثين على الجانبين التركي واللبناني وبين فشل الميليشيات الإيرانية في تحقيق خرق جدي على جبهة حلب، الأمر الذي دفع القيادة الإيرانية في سورية إلى اتخاذ قرار بصرف الأنظار عن هذا الفشل من جهة وتوريط آخرين: تركيا ولبنان في مشروع التخريب القائم في سورية من جهة ثانية، ولو أدى ذلك إلى إقحام الحليف الروسي في صراع متجدد مع صديقه التركي.
تطور مزدوج
وفقا للتطور الثالث فقد جاء هذا التطور مزدوجا، في اتجاه تركيا ولبنان، إذ إنه في 24 نوفمبر الجاري قصف طيران النظام جنودا أتراكا داخل سورية، وقتل ثلاثة منهم. وعلى الفور اتصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره التركي رجب طيب إردوغان معزيا. وقالت صحيفة "كومرسانت" الروسية المقربة من الكرملين، إن روسيا خشيت أن يكون اختيار الذكرى السنوية الأولى لإسقاط تركيا الطائرة الحربية الروسية فوق الحدود السورية لضرب الموقع التركي، محاولة لزجها في صراع مع تركيا، وأن مسارعة موسكو وأنقرة لاستعمال الخط الساخن بينهما، قضى على هذه المحاولة.