"أعوذ بالله .. امرأة متوحشة بالفعل" هذا ما قلتُه حين شاهدت الصورتين قبل التعذيب وبعده للعاملة المنزلية سومياتي سلام؛ وقلتُ لنفسي "ليست من فعلت هذه الوحشية من هذا الوطن .. بل لا تنتمي لعرق الإنسانية "ولهذا أقدم اعتذاري الكبير كامرأة سعودية للأخت سومياتي؛ وأعلم أن اعتذاري ليس شيئا أمام ما عانته على يد كفيلتها؛ وهي تقوم بما قامت به من تعذيب وتعنيف وصل لحد سلخ الرأس والعياذ بالله ..

ما ساءني حقيقة بعد هذه القصة؛ هو أن أسمع تبريرات بعض من ينتمون لهذا المجتمع لفعل هذه المرأة "المتوحشة"؛ حين يقولون "حتما الخادمة قامت بفعل أغضب واستفز كفيلتها لتقوم بما قامت به من تعذيب!" وأقول أعوذ بالله من قلوب غفلت؛ وأسال: هل هناك فعل مستفز ومغضب يصل إلى درجة سلخ فروة الرأس والتعذيب حرقا وتقطيعا؟! فمهما فعلت الخادمة علينا أن ندرك أن في هذا البلد شرطة ونظاما وعدالة تُقدم لها لتأخذ جزاءها؛ وهو ما يجري الآن التعامل به مع كفيلتها السعودية؛ وستأخذ العدالة والتحقيقات مجراها وستجد "كفيلتها السعودية" عقوبتها التي تردع مثيلاتها اللاإنسانيات.

الموضوعية تُحتم ذكر وجود عشرات الآلاف من العاملات المنزليات ممن يجدن حسن المعاملة والرفق والرحمة من عدد كبير من الأسر السعودية.

البعض بحاجة إلى ثقافة حسن التعامل مع العاملين –من أي جنسية كانت- قبل أن تكون المسألة واجبا دينيا؛ وللأسف الشديد أن بعض السعوديات نسين أنهن استقدمن هؤلاء العاملات لكي يساعدنهن في أعباء المنزل، لا ليعملن كل أعباء المنزل، وكأنها "ماكينة" تبدأ الخامسة فجرا وتنام بعد منتصف الليل دون راحة؛ تطبخ وتنظف وتغسل وتربي الأولاد وترضع وتحضرهم مع السائق من المدرسة وتذهب بهم إلى مراكز الترفيه بل وتستذكر لهم حتى بات بعض الأطفال يتقنون لغتهن لا لغة أمهاتهن! نسيت بعض السعوديات أنهن استقدمنهن لمساعدتهن؛ لا أمهات بديلات وهذه مشكلة اجتماعية كبيرة!

وفي المقابل هناك العديد من الأسر السعودية وأزعم أني أنتمي لها ممن تحتضن العاملة لديها كواحدة من أفراد الأسرة لا مجرد عاملة لديها؛ في الوقت نفسه هناك أسر أخرى أخجل منها؛ ليس هذا في السعودية فقط بل في كل دول الخليج؛ يعانين لديهم من عدم احترام إنسانيتهن؛ وليس بالضرورة أن يكون التعنيف ضربا وركلا كما يحصل ممن استضعفوا هؤلاء الفقيرات، واستعبدوهم مقابل مئات قليلة من الريالات؛ بل أيضا التعنيف النفسي والإيذاء اللفظي وهو ما ينبغي أن نتقيه في التعامل معهن.

علينا أن نفهم أنهن أخوات لنا في الإنسانية قبل واجب الدين معهن؛ وأن نتذكر جيدا أن لكل فعل مهما كان ردة فعل، أليس كذلك؟!