تتنافس العديد من المتاجر العالمية الكبرى حاليا بعروضها الخاصة في الجمعة السوداء "BLACK FRAIDAY"، الذي يوافق آخر جمعة من نوفمبر سنويا، ويستمر عادة لخمسة أيام، والذي ينعكس أثره على الفروع المحلية في المملكة، ولكن مطالب شعبية تنادي بتأجيل مثل هذه التخفيضات إلى أوقات تتوافق مع المواسم الدينية الخاصة والأعياد كذلك، بحثا عن تحقيق الفائدة بشكل أكبر لدى كافة المستهلكين.
في المقابل يتهافت الأميركيون والمجتمع الغربي على الأسواق خلال هذه الفترة نظرا لتوافقها دائما مع إجازة عيد الشكر، كذلك لأنها تسبق عيد ميلاد المسيح "الكريسمس" وعيد رأس السنة أيضا بفترة قصيرة، مما يعزز تحقيق المصلحة العامة هناك، بعكس ما يجري محليا باعتبار أن الموسم الحالي لا يمثل أدنى أهمية لدى السعوديين.
اهتمامات المستهلكين
"الوطن" رصدت في جولتها اتجاه معظم الأسواق، فمنهم من اكتفى بتحويل الجمعة السوداء إلى بيضاء، منهم من ذهب إلى تسميات أخرى دون الاكتراث بالأصوات المنادية لاحترام ثقافة المجتمع واختيار المواسم التي تلبي اهتمامات المستهلكين في المملكة. يبرر محمد عبدالحي، أحد العاملين بمتجر أديداس "شركة ألمانية" بمدينة الرياض عدم إمكانية المقدرة على تأجيل فعاليات التخفيضات السنوية التي تجري حاليا حتى نهاية العام، بأن المتاجر ذات الامتداد العالمي يربطها نظام واحد من قبل الفرع الرئيسي للشركة.
مضيفا أنه لهذا السبب لا يمكن للمتاجر في المملكة أن تكون لها حرية التصرف في اختيار الأوقات المعينة التي من شأنها أن تناسب ثقافة المجتمع السعودي العربية والإسلامية.
واستدرك عبدالحي أن معظم المتاجر بدأت تتجاوب مؤخرا مع المواسم الدينية والأعياد محليا بعمل خصومات وعروض للمستهلكين، الأمر الذي كان غائبا في الماضي، على حد تعبيره.
معتبرا أن نسبة حجم الاستهلاك خلال الفترة الحالية لا تصل إلى حجم التخفيضات التي تبدأ مع الجمعة السوداء حتى نهاية العام. وقدر عبدالحي أن نسبة الشراء ترتفع بنسبة 70%، أما في موسم رمضان، خصوصا في الليالي الأخيرة التي تسبق عيد الفطر، فيصل المعدل إلى 95%.
تصفية بضائع
يؤكد أنس محمد من متجر فيرجن ميجا ستور "شركة بريطانية" بمدينة الظهران صعوبة إجراء أي تغيير في مواعيد التخفيضات المقررة من الشركة الرئيسية، حيث عزا ذلك إلى أن العروض تكون غالبا مرتبطة بعدد كميات البضائع، وكذلك عامل النوعية يؤثر كثير في هذه المسألة. كما ذكر أنه تكون هناك تصفية بضائع بشكل دوري في أوقات محددة، مما يحد من عملية تأجيل أي عروض إلى وقت آخر. ولفت أنس إلى أن المتاجر العالمية يحكمها نظام رئيسي لا يمكن الخروج عليه.
وفيما يتعلق بأكبر كمية شراء، ذكر أنها تكون في يوليو حتى نهاية سبتمبر، حيث تفوق 7 ملايين ريال، لتوافقها مع المواسم الدينية محليا، مما يشير إلى عدم الاستفادة الكاملة من التخفيضات التي تجرى نهاية كل عام باعتبارها لا تمثل موسما مفضلا للسعوديين ومعظم المقيمين.
عشوائية الاستهلاك
ذكر عضو الاتحاد العربي لحماية المستهلك، سامي العثمان، أن المستهلك يعد الحلقة الأضعف في المعادلة، لذا لا يمكنه المطالبة بأي شيء، مضيفا أن التاجر ما زال هو صاحب القوة والمتحكم في العملية التسويقية. وحمل ذلك إلى ضعف صوت المستهلكين من خلال عشوائية ثقافة الاستهلاك التي يمارسها الكثير في السعودية، وكذلك في المنطقة العربية. وأكد أن رجال الأعمال لهم الخيار دائما في تحديد الأوقات المناسبة دون الرجوع لما قد يفضله المستهلكون، وذلك بعد اعتمادهم على حملات إعلانية وإعلامية مضللة قد لا تعكس فعلا أي خصومات حقيقية.
وطالب العثمان بضرورة مراجعة العادة الاستهلاكية لدى كل فرد من أجل تحسين جودة الخدمات التسويقية المقدمة من المتاجر المختلفة، ومن أجل تعزيز دور المستهلك في العملية الشرائية. وعن التعديلات الأخيرة على المرتبات والأجور في السعودية وإمكانية تأثيرها على الثقافة الاستهلاكية، ذكر أن المشكلة لا تكمن فقط في زيادة الدخل أو التقليل منه، بل في غياب الوعي لدى كثير من المواطنين وعدم مقدرتهم على ضبط الاندفاع فيما يتعلق بالاستهلاك.