تسعى الصين لربط نفسها ببحر العرب مرورا بباكستان اختصارا للطريقة الحالية التي تتطلب منها لتصدير صناعاتها من أراضيها إلى الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا أن تنقلها أولا عبر البر إلى موانئها الجنوبية ومن ثم تصدرها عبر البحار والمحيطات، ولذلك باتفاقها مع باكستان بأن تستغل منطقة جوادر لبناء ميناء فيها وربطه بطريق بري بغرب الصين سيوفر على الصين الوقت والمال.

قامت الصين من أجل النجاح في هذا المشروع بتوفير دعم كامل لبناء ميناء في جوادر بباكستان بقيمة 248 مليون دولار، ومن المتوقع أن يتم وصول أول سفينة للبضائع في ديسمبر من عام 2017 بعد أن يكتمل الطريق الموصل ما بين غرب الصين وميناء جوادر الباكستاني المطل على بحر العرب، الطريق الذي تنفذه الصين الآن يحوي سكة حديد لعربات القطار، بالإضافة إلى أنابيب بترول وغاز لاستخدامها كوسيلة أسرع في نقل البترول والغاز المستورد من دول الخليج العربي.

التحدي الوحيد الذي يواجه هذا المشروع هو مرور الخط البري بإقليم بلوشستان الباكستاني الذي يعد من أفقر مقاطعات باكستان، وأكثرها خطرا والتي من عام 1947 حتى الآن يرفض أهاليها القبول بأن يكونوا تحت حكم باكستان، ويسعون إلى حكم مستقل، ويرفضون أي مشروع يحاول استغلال أراضيهم، ولذلك قام أهالي بلوشستان بمهاجمة المهندسين والفنيين الصينيين الذين يعملون على هذا الطريق، مما اضطر  الحكومة الباكستانية لتوفير أكثر من 15 ألف جندي لتأمين الحماية لفريق العمل الصيني من أي عمليات هجومية قد يتعرضون لها في إقليم بلوشستان.

وما يجعل بلوشستان منطقة شديدة الخطورة على مشروع الصين الذي تطمح لتدشينه خلال الـ14 شهرا القادمة هو أن الهند تدعم بلوشستان من أجل زعزعة الأمن الباكستاني، وهذا الدعم يدخل ضمن الصراع الهندي الباكستاني التاريخي، ولكن يرى الكثير من المحللين أن الهند قد تتخلى عن دعم المعارضة في بلوشستان من أجل الحفاظ على مصالحها مع الصين، ودعم مشروعها في مد خط بري إلى ميناء جوادر المطل على بحر العرب، خاصة أن الصين والهند تشتركان في مشروع البريكس الذي يهدف لكسر هيمنة واشنطن على الاقتصاد العالمي، ومن أجل نجاح هذا المشروع زار ضابط صيني رفيع المستوى إسلام أباد حاملا معه حزمة من الإجراءات من أجل تسريع المشروع من أهمها الدعم لضمان أمن الممر البري الذي يمر بمقاطعة بلوشستان، والذي تبلغ قيمته أكثر من 46 مليار دولار.

هذا المشروع في حالة نجاحه وتنفيذه حسب الجدول الزمني المخطط له سيسهل عملية تصدير واستيراد السعودية ودول الخليج العربي مع الصين، بل سيسهل عملية تصدير النفط والغاز الذي بدلا من أن يعبر بحر العرب إلى المحيط الهندي ومن ثم إلى بحر الصين الجنوبي، فإنه يذهب مباشرة عبر بحر العرب إلى ميناء جوادر الموصول برا عبر باكستان إلى الصين مباشرة. الصين وباكستان تعملان على هذا المشروع بشكل جدي وسريع رغم المخاطر التي قد يخلفها التهديد الأمني في بلوشستان، يفصلنا فقط 14 شهرا لنرى خارطة التصدير والاستيراد ما بين السعودية والصين أكثر قربا من أي وقت مضى عبر التاريخ.