نظام ساهر رائع في فكرته لكنه ليس رائعاً في تطبيقاته. حاول هذا النظام نقل المجتمع من حالات فوضى لا مثيل لها إلى انضباطية كاملة، لكنه أخفق من البداية، فحالة الانتقال لم تمر بمراحل التوعية والتدرج، ولم يبن النظام من الأساس على دراسات واقعية ودقيقة، وطبق في بيئة مرورية بالغة السوء وتعاني شروخا كثيرة. شوارع غير مهيأة وازدحامات واختناقات وفوضى مرورية تنظيمية يكابدها الناس صباحا ومساء.
أغفل النظام أخطاء مرورية مزمنة وقاتلة مثل التهور في القيادة وإيذاء قائدي المركبات الأخرى وركز فقط على مخالفة تجاوز السرعة المحددة والتي قررها المرور دون دراسة دقيقة للواقع. تحديد السرعة ينبغي أن يأخذ في اعتباره طول الشارع وعرضه ومدى توافر الجسور والأنفاق ومداخل الطريق ومخارجه وازدحام الطريق من عدمه، ثم إن المرور لم يضع في حسبانه نوعية الشارع وهل هو طريق سريع أم رئيسي أم فرعي؟ والدليل أن السرعات تتراوح بين 60-80كلم/ساعة دون تفريق!
أما الدليل على عشوائية النظام ووقوعه في أخطاء بدهية فستكتشفه عند دخولك لموقع إدارة المرور، إذ لا تتوافر أبسط المعلومات المتعلقة بالمخالفة مثل مكان وقوع المخالفة والسرعة والصورة، كما أن رسالة المخالفة لا تصل -في حالات - لجوال المخالف إلا بعد أيام، وإذا أردت الاعتراض على أي مخالفة فعليك الذهاب لإدارة المرور، وكان الأولى توفير نظام عبر الرسائل الإلكترونية يرد بطريقة تقنية متقدمة ومقنعة على كل الاستفسارات.
تحول نظام ساهر عن الأهداف الرائعة التي كان يتوقعها المجتمع منه إلى نظام يلتهم الملايين. ساهر لا يغرس في الناس قيمة الانضباط واحترام أنظمة المرور، لأنه ببساطة يعتمد على الإيقاع بأكبر عدد من المخالفين. يزرع كاميراته بداخل سيارات مموهة ومخبأة بين الأشجار لاصطياد العابرين بواسطة آلة صماء يقع في براثنها الغافلون ويفلت منها المتهورون والذين احترزوا من عيون ساهر بأدوات مضادة تكشف الكاميرات عن بعد!!
رمى نظام ساهر الناس بأزمات مالية. أجبرهم على تخصيص بند من ميزانياتهم باسم "بند ساهر"، إذا لم يعجبهم الحال فعليهم الاستغناء عن سياراتهم والبحث عن بدائل: ليموزين-دباب-سيكل. أو السير على الأقدام.