من أكثر ما نوه عنه المشاركون في أعمال المؤتمر العام السابع عشر لأكاديمية آل البيت الملكية، الذي احتضنته العاصمة الأردنية، الأسبوع الماضي، بعنوان "نحو جدول تاريخي لأحداث السيرة النبوية"، برعاية سامية من جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، ومتابعة حثيثة من رئيس مجلس أمناء مؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي، الأمير غازي بن محمد، كبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية، المبعوث الشخصي لجلالته؛ إطلاقُ (الموقع الإلكتروني): المصدر به عنوان المقال، و(التطبيق المتخصص): بوابة السيرة النبوية، فقد أظهرا جهدا كبيرا ومقدرا لهذه المؤسسة الرصينة، والعاملين على هذا المشروع الرائد، المتعلق بجدولة وترتيب أحداث السيرة النبوية، يوما بيوم، بل وتقريبها على الساعات؛ أداءً لواجب خدمة السيرة النبوية العطرة، وتيسيرا على المهتمين بمختلف مواضيعها..

المؤتمر انعقد على مدى 3 أيام، وشارك فيه 58 عالما من أعضاء أكاديمية آل البيت وضيوفها، من 35 دولة عربية وأجنبية، قدموا 29 بحثا علميا، تضمنت عصارة أفكارهم وآرائهم، وتداولوها بالنقاش فيما بينهم؛ وذلك ضمن محورين هامين هما: "نحو استخلاص يوميات مؤرخة ومفصلة لحياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من روايات السيرة النبوية"، و"مناقشات علمية لتواريخ وأماكن أحداث السيرة النبوية في ضوء أدوات العصر"، وتوزعت موضوعاتهم بين دراسة أحداث معينة من وقائع السيرة النبوية، وتناول جوانب من شخصية الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسماته الحميدة، كالرحمة، ومعاملته لغير المسلمين، وتطبيقات الشورى في العهد النبوي، وغير ذلك من البحوث المتصلة بدراسات السيرة بشكل عام، والجهود المبذولة في تدوينها في القديم والحديث، وقراءات مرحلية للسيرة النبوية؛ ومن أهم التوصيات التي أتمنى أن يتم تفعيلها ومتابعتها، تنقية مصادر السيرة من الروايات الموضوعة، والشديدة الضعف، والتحذير من الاعتماد عليها في دراسة السيرة.. والمزج في دراسة السيرة بين منهج المحدِّثين القائم على توثيق الروايات، ومنهج المؤرخين القائم على النظر الموضوعي في متون الروايات والأخبار.. والعكوف على المزيد من الدراسات المتعلقة بالسيرة النبوية للقيام بما يعالج واقع الأمة وفق منهج نبيها ـ صلى الله عليه وسلم ـ .. وجمع مواد السيرة النبوية المبعثرة في المصادر ذات الصلة بالدراسات التاريخية.. والكشف عن التراث الذي لا يزال مخطوطا في ميدان السيرة النبوية ونشره بعد تحقيقه..

فهم السيرة النبوية، واستيعابها الاستيعاب الدقيق مفتاح مهم لمن يريد إنهاء الخلافات والخصومات، وباب جليل وجميل لتوحيد كلمة المسلمين اليوم؛ فقد اختلفنا هذه الأيام في كل شيء تقريبا، وما بقي لنا إن أردنا العمل على قلب واحد؛ إلا أن نتقرب من سيد البشر ـ صلى الله عليه وسلم ـ حسًا ومعنى.