حتى نعالج مشكلة تواجهنا، يجب أن نقرأها بكل شفافية.
ولذلك، دعونا نبدأ من آخر الأحداث، وهو غضب المواطن على وزير الخدمة المدنية عندما قال: "إنتاجية الموظف الحكومي لا تزيد على ساعة".
نعم، هي عبارة مستفزة، ولكن الواقع يقول إن الغضب الحقيقي ليس بسببها، وإنما بسبب قرار إلغاء البدلات، ثم جاءت هذه الجملة على لسان الوزير، فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير!
والسؤال الآن: هل سياستنا التقليدية في التعامل مع مثل هذه المواقف مجدية؟ هل إعفاء الوزير مثلا سيطفئ الغضب؟
تغيرت أشياء كثيرة حولنا، حتى تفكير المواطن ومنطقه تغير. فلم تعد تلك المقارنات السطحية تقنعه! هو يعرف أننا لسنا في الصومال لتحدثه عن الجوع، ويعرف أننا لسنا كسورية لتذكره بخطر الفوضى.
هو يعرف أن أمن وطنه فوق كل شيء، وفي المقابل يهمه أن يُوضع في مكانته التي يستحقها.
إذن، كيف نعالج هذه المشكلة؟ وكيف نمتص هذه الطاقة السلبية ونحولها إلى طاقة إيجابية، تخدم كلا من المجتمع والحكومة، وتفرغ غضب المواطن؟
أول خطوة: رفع سقف حرية الرأي، وهذا من شأنه أن يخفف كثيرا من الغضب، ويقلل من وجود تلك المعرفات الوهمية التي لها رأي مؤثر ومتطرف في الإعلام البديل.
ثانيا: تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني. الخطوة الثالثة والمهمة هي: إتاحة الفرصة للمواطن في حق تقرير من يمثله في مجلس الشورى، ليكون نصفه بالانتخاب ونصفه الآخر بالتعيين، خاصة أن هذا المجلس هو مجلس استشاري، والأمر أولا وأخيرا بيد صانع القرار.
هذه الخطوات الثلاث كفيلة بتحويل المواطن من إنسان سلبي، إلى إنسان إيجابي يشعر بقيمته ويشارك حكومته في رؤيتها المستقبلية.
فالمواطن هو صمام الأمان، ويجب أن يُعطى الثقة، والقرب منه والاستثمار فيه أفضل من تهميشه.