كل مشاكل العالم العربي -بما فيه نحن- سببها المواطن، أقول هذا الكلام وأتحمل "مسؤوليته"، كما يقول كل الزملاء "المسؤولين" العرب.

مشكلة هذا المواطن أنه يريد أن تعمل الحكومات كل شيء نيابة عنه بما في ذلك "إنتاجية الساعة"، وكي أكون دقيقا، ولا أقع فيما وقع فيه بعض الزملاء المسؤولين، فإنني أشير إلى دراسة أعلنها الاتحاد العربي للتنمية "2013" أظهرت أن معدل إنتاجية الموظف العربي 18 دقيقة في اليوم، وتبين أن السوداني ينتج بمعدل 20 دقيقة، والجزائري 22 دقيقة، والمصري 30 دقيقة في اليوم، بينما بلغ المعدل الفعلي للموظف في اليابان وفرنسا وألمانيا 7 ساعات يوميا.

نعم، أقولها بالفم المليان، ولن أعتذر عنها حتى لو حاول داود الشريان، فأنت أيها المواطن سبب تأخر التنمية في الوطن العربي، ونحن –المسؤولين- كدّسنا في كل مكتب ما يزيد على 10 موظفين كي نوجد لك مناخا مناسبا للإنجاز، ولم نطلب منك إنجازا محددا، ومع هذا خذلتنا "يا قاسي"، كان المفترض أيها المواطن الموظف أن تُنجز، ولا تسألنا كيف كعادتك، المهم أن تنجز أيها الكسول، يجب أن تتخلى عن هذا الترف الذي وصل بك لدرجة أن تمرض "كذا من الباب للطاقة"، ثم تلوم الخدمات الصحية وتصفها بالمتدنية، ونحن الذين دأبنا منذ سنينك الأولى على تلقينك: "درهم وقاية خير من قنطار علاج"، فتضيع درهمك وتشتم قناطيرنا!

تذهب إلى دوامك في هذه الأجواء المتقلبة دون أن تتخذ الاحتياطات اللازمة، وعند أول "عطسة" تزاحم أمثالك على بوابات الطوارئ، فيما لو تخليت عن "كسلك" وبحثت لك عن منزل قريب من مكان عملك، لحافظت على صحتك وعلى وقتنا، سيما أن الإسكان متوافر في كل مكان، لكن ترفك جعلك تبحث عن سكن في أطراف المدينة، طمعا في الأجواء الريفية أيها الشاعري الكسول.

عندما كنت مواطنا عاديا مثلك، لم أفوّت الفرصة واستثمرت بضع ملايين قليلة وهبها لي والدي، فبدأت من "الصفر" حتى أصبحت عصاميا ورمزا للرياديين في بلدي، لم أكن مثلك و"مثل والدك بالطبع" أنتظر راتب آخر الشهر، والآن بعد أن أتيت لخدمتك "لوجه الله" ها أنت تخذلني مرة أخرى، وتلمّح بمحاسبتي، وتسخر من أقوالي المأثورة.

نعم، قد يكون خانني التعبير والتقدير أحيانا، لكن هذا لا يعني أنني أخطأت، فالتوسع في الجامعات والمستشفيات ترف لم يكن له داع.

فبالمنطق، التوسع دوما يزيد الترف المنهي عنه، وكل توسع مذموم إلا إذا استثنينا "المقابر"، رغم أن ذلك ترف أيضا، لكن من الصعب في القريب العاجل أن تصحح عادات الناس في الموت المبكر، فالمواطن العربي تعوّد أن يموت في أول حادث أو خطأ طبي، وهو الذي –من باب العادة- لا بد أن يدفن منفردا في قبره "مشكلة فكر" في الدرجة الأولى.

فيا عزيزي المواطن، كن صالحا وحاول ألا تزعجنا، وألا تموت أيها المُترف!