تنطلق اليوم واحدة من أهم دورات كأس الخليج العربي لكرة القدم منذ انطلاقتها الأولى بالبحرين بعد نضوج فكرة الأمير خالد الفيصل التي ابتكرها لتكون سبيلاً للالتقاء والاجتماع وخلق الألفة بين شعوب المنطقة التي يجمعها كل شيء: الدين والتاريخ والدم ووحدة المصير.

وعلى الرغم من تعدد الآراء التي تنادي بإحالة الدورة إلى التقاعد إلا أن هذه الآراء على احترامنا وتقديرنا لأصحابها لا تستطيع إيجاد (تسويغات) مقنعة لتلك الشعوب التي تربت على هذه المنافسة الشعبوية أكثر منها أقدام ورؤوس اللاعبين وأفكار وتصورات المدربين, إذ يرونها منافسة تجمع شعوب المنطقة الخليجية على اهتمام كروي واحد, ومتابعة لتفاصيل التفاصيل لهذا الحدث الكبير, وتبقى تلك الاجتهادات مجرد آراء لن تغير من حقيقة البطولة تاريخياً ونفسياً ومعنوياً.

إن ما يحير من أقوال المنادين بإلغاء دورات الخليج لمجرد حدوث اختلافات عارضة بين دولتين أو منتخبين تحدث مثيلاتها وما هو أشد وأشرس منها في منافسات إقليمية وقارية ودولية، لكن مع هذا لم تنطلق دعوات للإلغاء أو الشطب من خريطة البطولات. والمتتبع لبطولات كروية إقليمية وقارية كبرى سيجد كثيراً من الإشكالات التي حدثت بين أكثر من طرف ومنها ما تسبب في حالات انسحابات وتوقف عن المشاركة, ومع هذه الحالات السلبية إلا أنها بقيت واستمرت وما زالت تقام مع مرور عشرات السنين, ونضرب مثلاً, بطولة كوبا أمريكا وهي البطولة الأقدم في تاريخ الكرة الحديثة على مستوى المنتخبات القومية, كذلك الحال في البطولات الإنجليزية التي تعد بدورها الأقدم على مستوى الأندية, ولم تشكل حالات الاختلاف رغبة من أي طرف في إلغاء هذه البطولة أو تلك. فهل نستوعب الدرس؟

إن ما يحسب للاتحاد السعودي لكرة القدم في هذه المشاركة هو ذلك الحسم في مسألة المشاركة بعيداً عن أية تجاذبات إعلامية كانت أم شخصية، كما هو الحال لبعض الدول التي حاولت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة التأثير على الدول الأخرى لكي لا تقام الدورة في اليمن بمبررات نجد أن البعض منها مبالغ فيه كثيراً موهمين الناس وكأن اليمن تعيش حالة حرب مفتوحة, وتناسوا مثلاً حالة بطولة كوبا أمريكا إبان استضافة كولومبيا لها وهي التي تعيش في الواقع حالة حرب مفتوحة مع المتمردين فيها من سنوات طويلة، ورغم ذلك وضعت الدول اللاتينية ثقتها في حكومة كولومبيا واستعداداتها الأمنية ودعمتها من خلال هذه الخطوة ضد التطرف والإرهاب.

واليمن لم تصل إلى تلك المرحلة الأمنية ولن تصل إليها إن شاء الله, فما نتمناه أن يعم الأمن والاستقرار جميع الشعوب العربية والإسلامية.

وتأتي مشاركة المنتخب السعودي في هذه الدورة استجابة لروح الأخوة التي تجمع الشعبين السعودي واليمني منذ عشرات السنين وكذلك تأكيدا للرغبة السعودية في استمرارية دورات الخليج كونها فكرة سعودية مئة بالمائة, وأيضاً امتنانا لهذه الدورات التي كان لها الفضل الأول بعد الله عز وجل في الارتقاء بمستويات المنتخبات الخليجية ومنها المنتخب السعودي ووصول هذه المنتخبات إلى نهائيات كأس العالم أكثر من مرة كما حدث للأخضر وقبله منتخبات الكويت والعراق والإمارات.

دعواتنا للدورة وهي تنطلق اليوم أن يكتب لها التوفيق والنجاح تنظيمياً وفنياً وجماهيرياً وإعلامياً, وأن تبقى دورة تجمع شعوب وأبناء المنطقة على الخير والحب والألفة.