تلقفت الصحف والمواقع العربية قبل أيام استطلاع رأي نشرته صحيفة ديلي ميل، قيل إنه أجري على 104 آلاف شخص ينتمون إلى 63 دولة، نتج إلى تبوؤ مجتمعنا المرتبة الثانية عالمياً والأولى عربياً في تعاطف أبنائه مع الآخرين والميل إلى تقبل وجهات النظر.

حظي هذا الاستطلاع بمصداقية "أو تعاطف" مبالغ به في المجتمع السعودي. فهذا النوع من النتائج يعد نادر الحصول عن طريق مؤسسات إعلامية غربية عادة ما تصور المجتمع السعودي باعتباره لا يحوي سوى نوع من البشر متمثلا في صورة "متطرف يحمل في يده السياط بحثاً عن العلمانيين والمرأة"، وعلى الرغم مما تترسخ بالحجج التي تمنع تصديق هذا النوع من الدراسات والاستطلاعات إلا أنني شعرت بما شعره أبناء وطني تجاه هذا الاستطلاع، بناء على معطيات عديدة اكتسبتها من سكني في هذه النقطة الجغرافية من العالم.

فما اكتسبه أو ابتلي به الشعب السعودي من تعاطف غزير جعلهم أكثر عرضة لتصديق أكاذيب المؤسسات الإعلامية المعادية والساعية إلى التفرقة بغطاء بيان الحقيقة. فذات تعاطفنا مع حال الأمة الإسلامية الذي جعل عددا لا يستهان به من شبابنا يرون في تنظيمات إرهابية مارقة صورة العائدين بالإسلام الحقيقي، هو ذات التعاطف السيئ الذي جعلنا نتلبس جميع التيارات والمذاهب والأطراف، فنصبح إخوانا أو عسكرا تعاطفا مع مصر، ثوارا وشبيحة حين نتطرق إلى سورية؛ كل شيء إلا أن نتعاطف مع هويتنا ونصبح سعوديين. وهو ذات التعاطف المتسبب بتفشي داء جلد الذات وعدم الإيمان بما تحمله هذه البقعة من عقول وقدرات.

المحزن أن الراعي لهذا الشعور والمنمي له هو إعلامنا الذي يجتهد في طرح القضايا بجميع الطرق التي تمس العاطفة لا العقل. والمضحك أن غالبية نخبنا يمقتون عاطفتنا ويعملون جاهدين بما لا يراعيها، أما الحقيقة فهي أن عاطفة الشعب السعودي رائعة ما لم تتجاوز الشعب السعودي وتفيض لغيره من الشعوب وتعود عليه بالتفرقة.