عندما تظهر مشكلة في أي مجال ونعالجها فهذا عمل جيد، لكن عندما تكون معظم حلولنا للمشاكل مجرد ردات فعل فهذه كارثة.

منذ عقود ونحن نسير على هذا المنهج، لا نقيّم الأوضاع ولا نتنبأ بها حتى تنفجر مشكلة، ثم نلهث لمحاولة إيجاد حلول.

نحن لم نعرف قيمة المياه الجوفية وخطر نضوبها إلا بعد أن أسرفنا في مشاريع القمح المدعومة حكوميا، ولم نبدأ "فعليا" في البحث عن بدائل اقتصادية إلا بعد أن هبطت أسعار النفط. حتى وسائل السلامة لم نعترف بأهميتها في المدارس، إلا بعد أن احترقت مدرسة بنات في مكة. كذلك في مشاريع الصرف الصحي وتصريف السيول لم نهتم بها إلا بعد أن غرق الناس.

المتابع للأحداث يعي جيدا أن كثيرا من الإصلاحات جاءت كردة فعل في كل القطاعات بدون تخصيص. الإشكالية الأخطر أننا لا نفكر في المستقبل ولا نستفيد من الماضي.

مثال بسيط: في الرياض كل الشوارع الرئيسية لا تتعدى 3 مسارات وكلها مزدحمة، وعندما افتتح طريق الملك سلمان الجديد في منطقة بعيدة شمال العاصمة فوجئت أنه أيضا 3 مسارات فقط!، وأجزم أنه بعد أقل من 5 سنوات سيعج بالسيارات، وحينها سنبحث عن حلول مؤقتة كردة فعل لمشكلة الازدحام.

نحن لا نحسب حسابا للمستقبل، ننتظر وقوع كارثة حتى نعالجها بحلول مؤقتة. أصبحت كل الإصلاحات مجرد ردات فعل وليست مبنية على خطط ودراسات تهتم بالمستقبل.

والسؤال الأهم: متى ننتقل من إصلاحات ردة الفعل إلى إصلاحات حقيقية ترصد الأخطار، وتقرأ المستقبل قبل وقوع الكوارث؟.