لست قانونيا، لكن هناك إشكالات طريفة حول سن التكليف في بلادنا. متى يكون الإنسان طفلا، ومتى يكون راشدا؟!

خذ هذه اللمحة السريعة: المرور لا يمنح رخصة القيادة دون الثامنة عشرة، ولا يمنح الرخصة العمومية إلا عند بلوغ 21 سنة، ويمنح ترخيص قيادة مركبة مؤقتا عند السادسة عشرة!

بينما الجوازات لا تسمح بالسفر دون موافقة، لمن هم دون الواحد والعشرين، فيما لوائح الجنسية السعودية أقرّت أن سن الثامنة عشرة هي سن الرشد!

وفي أمور الزواج، القانون لا يتدخل. العرف هو الذي يحكم المسألة. هناك فتاوى تُجيز زواج الفتاة عند سن العاشرة!

والقضاء -وهذا مهم- لديه حسابات أخرى لمؤاخذة الإنسان، تبعا لسنّه ورشده وعلامات بلوغه.

ما الذي تقوله الاتفاقيات الدولية؟ هذا سؤال مهم.

"كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة هو طفل ما لم يبلغ سن الرشد". هذا نص مقتبس من اتفاقية دولية لحقوق الطفل، ملزمة -لنا ولغيرنا- لكن الإشكالات القانونية في بلادنا ما تزال قائمة أمام السؤال الجوهري: متى يدخل الإنسان سن التكليف؟ وما العلامات الحيوية المعينة التي يدخل من خلالها الإنسان سن التكليف؟

بمعنى مباشر: متى يجري عليه قلم التكليف، ويصبح مؤاخذا بما يفعله، لأنه يمتلك التمييز والعقل!

نحن بحاجة إلى فك هذا الالتباس الحاصل، لأن البلد تشهد الفترة الأخيرة حملة جميلة لتقليم أظافر بعض السفهاء والمرضى والباحثين عن الشهرة في تقنيات التواصل الاجتماعي الحديثة.

كنت أبديت اعتراضي قبل فترة على احتجاز شاب صغير يكنى بـ"أبو سن"، على اعتبار أنه مارس سلوكا خاصا به، بعيدا عن أعين الناس التي لاحقته وفضحته. لم أكن أرغب في التضييق على حريات الناس.

لكن -وهذا خلاصة المقال- عدم موافقة الإنسان على التضييق على حريات الناس لا يعني موافقته على أفعال الآخرين، أو "يفتحها بحري" كما يقال!

المثاليات الزائفة لا تنفع. المجتمعات المحترمة تحفظ وتحافظ على الذوق العام. ولذلك فأي شخص راشد مكلَف شرعا، يخدش الحياء، والذوق العام، ويدعو علنا إلى الرذيلة والكفريات، يُفترض الإبلاغ عنه، والقبض عليه فورا.

هذا مجتمع محترم، وليس "شبك غنم".