غير مفهوم أن تفتش في دفاترك القديمة، بحثا عن أي حقوق لك في ذمة الناس. وحينما تعثر عليها، تتجه مباشرة للحقوق المدنية، وتستغل علاقاتك وصلاحياتك وتقوم بحبس الناس، بينما كان بوسعك أن تخاطبهم، وتشعرهم بحاجتك إلى المبالغ المتأخرة في ذمتهم، وتتفق معهم على آلية السداد، وتقدم لهم حافزا تشجيعيا، كأن تقدم لهم خصومات تشجيعية في حال التزموا مجددا في سداد تلك المستحقات!
شيء من هذا حدث -مع اختلاف الطالب والمطلوب- حيث اكتشف "صندوق التنمية العقارية" أن لديه مستحقات كثيرة قديمة في ذمة المواطنين. حمل الصندوق فواتيره العتيقة وتوجّه بها فورا لـ"سمة" وطالبها بوضع هؤلاء المواطنين على قوائمها السوداء!
لم يكلف الصندوق نفسه بالتفكير في أي حلول أخرى؛ على الرغم من أن الخطأ تحمله وتتحمله، إدارات الصندوق المتعاقبة، طوال الثلاثين سنة الماضية. هي التي تغاضت عن مطالبة الناس بسداد المستحقات المتراكمة الضخمة، وحينما استيقظت عالجت الخطأ بخطأ!
الشيء ذاته -يا للعجب- تكرر مع "وزارة العمل والتنمية الاجتماعية" التي اكتشفت بعد الرجوع إلى دفاترها القديمة، أن هناك مواطنين حصلوا على إعانات الرعاية أو الضمان الاجتماعي وهم لا يستحقونها، وقامت بحماسة غريبة بالتنسيق مع الجهات الحكومية؛ لإيقاف الخدمات عن هؤلاء المواطنين!
هناك حلول كثيرة، بإمكان مؤسسات الحكومة اللجوء إليها، لاسترداد ما تراه مبالغ صُرفت عن طريق الخطأ، أو مستحقات متأخرة منذ سنوات طويلة. عبر جدولتها أو استئناف سدادها، لكن ليس عبر التضييق على الناس، وإرباك حياتهم، ومفاجأتهم بالملاحقة، والتضييق، وإيقاف الخدمات!.