ها هي بلادي تنشر الإسلام بطيب فعالها بطيب رموزها بطيب قادتها، وها هو خادم الحرمين الشريفين حفظه الله يوجه لكل ما فيه خير هذا الدين وخير الإنسانية.

نحن في المملكة العربية السعودية اعتدنا وبحمد الله على التميز في أمور عدة ليس المجال هنا يسمح بحصرها، وإن كان ذكر خدمة الحجاج وخدمة المعتمرين وخدمة الحرمين الشريفين عنوانا له لكفانا بحمده سبحانه وتعالى.

نحن في المملكة نشرنا الإسلام بطيب فعالنا، وها هي السلسلة تمتد من مؤسس هذه البلاد الطيبة الملك عبد العزيز رحمه الله ثم أبنائه البررة، الملك سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله وأسكنهم وجميع موتانا في فردوسه الأعلى إنه ولي ذلك والقادر عليه، ولتصل لخادم الحرمين الشريفين أدام الله عليه الصحة والعافية، الذي عمد لإكمال المسيرة ووضع لبنات نيرة في مجال الدعوة لدين الله، فقد أدرك أن مكامن قوة المملكة العربية السعودية تنبع في تعاليم دينها الحنيف الذي يأمر أتباعه بالإحسان والرحمة حتى مع المخالف، الدين الذي يحض على العلم ويدعو له ويحترم أهله، وبالتالي لم يكن غريبا ما وصل إليه معالي الدكتور "عبد الله بن عبدالعزيز الربيعة" من تقدير الخاصة والعامة، فهو يستحق ذلك ليس لعلمه وتفرده في مجاله فقط، بل لإخلاصه لدينه ثم وطنه، لم يكن غريبا أن يخص بتلك الثقة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، ومن حكومته ومن شعب المملكة، فنحن جميعا نقدره ونجل هذا الفارس في مجاله، بارك الله لنا به.

إن ما أنا بصدد طرحه اليوم أمامك أيها القارئ الفاضل يتعلق بقصة أبكتني تفاصيلها وحيثياتها بقدر ما أسعدتني نهايتها، قصة كانت بصمات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله عليها واضحة بينة، قصة نالت اهتمام الإعلام الخارجي فنقلها بكل تفاصيلها، تفاصيل أعتقد أنها مهمة لذلك سأعمد إلى ذكر بعضها.

البداية حدثت في عام 2007م وفي "بابن كي" القرية الإفريقية القابعة في شمال غرب الكاميرون، فداخل عيادة صغيرة كانت المحاولات جادة لإنهاء ولادة مستعصية، عملية انتهت بصدمة الكادر الطبي، فالمولود توأم – طفلتان- ملتصق من الصدر حتى الفخذين، ولأن أهالي القرية بسطاء اعتبروا هذا التوأم نذير شؤم وعقوبة للوالد، وظن بعضهم أن العقوبة كانت من نصيب أهالي القرية كافة، فقد أحرقوا أحد القادة المحلين حيا، أما الأم فاعتبروها مذنبة تستحق الهجر وبالتالي لم تسلم هي الأخرى من الأذى فقد كان سكان القرية ينفرون منها ويفرون، لقد تركوها وحيدة وهي حديثة الولادة، في فترة ندرك نحن الأمهات مدى حاجتنا حينها للرعاية والرفقة الطيبة.

استمر وضع الأسرة على هذا الحال من البؤس، فلا هي قادرة على تكاليف عملية فصل التوأم، ولا الرعاية الصحية البسيطة المتوفرة في القرية مؤهلة لمثلها، مما دفعهم لطلب المساعدة، هذا ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية " بي بي سي " في تقرير لها، بقولها: إن القرية نشرت نداء عبر الإنترنت تطلب مساعدة طبية ومالية تمكنها من إجراء عملية فصل التوأم، كما بينت أن الملك عبدالله - حفظه الله - استجاب للطلب وأمر بنقل التوأم إلى المملكة العربية السعودية، وإجراء الجراحة على نفقته الخاصة، وتمت الجراحة التي استمرت (16) ساعة بنجاح، وغني عن البيان أن معالي الدكتور "عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة"، كان على رأس الفريق الطبي السعودي الذي قام بالعملية، جزاه الله والعاملين معه خير الجزاء.

ومن هنا كانت بداية قصة نجاح أخرى، فقد أعلن والدا التوأم إسلامهما، وقد اختارت الأم اسم عائشة في حين اختار الوالد اسم عبدالله، والذي قال بعد إعلان إسلامه :(إنه رأى في الإسلام والمسلمين - أثناء تواجده في "مدينة الملك عبدالعزيز الطبية"، المحبة والتواضع والمودة والرحمة وحسن التعامل والتعاون والإخاء؛ مما جعله يبحث ويقرأ عن هذا الدين، وأحس أنه يقترب من الإسلام كل يوم، ويرى فيه الدين الذي يحل مشكلات البشرية إذا ما طُبِّق بشكل صحيح،كما قال:( لم أجد عطفا بهذا المستوى حتى من أقاربي، فخادم الحرمين الشريفين "عبد الله" عامل الطفلتين مثل أولاده)، والأجمل هو أن والد الطفلتين "عبد الله" لم يكتف بإسلامه بل أخذ يدعو للإسلام، حتى بلغ من اسلم على يديه (450) من أهالي قريته بمن فيهم زوجته وأشقاؤه وأقرباؤه، كما طلب من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، بناء مسجد في قريته، فأمر حفظه الله ببناء مسجد ودار حضانة، ومدرسة ابتدائية ومركز طبي، واليوم وبحمد الله تم إسلام كافة سكان القرية، وقد قدم بعضهم لأداء فريضة الحج في ضيافة المملكة.

وفي هذا الصدد أشير إلى بعض ما جاء في جريدة عكاظ مؤخرا على لسان رئيس وفد دولة الكاميرون القادم لأداء مناسك الحج، السلطان عمر قوله:( إن الشعب الكاميروني يقدر كل ما قدم لهم من مملكة الإنسانية، وإنه اعتنق الدين الإسلامي بقناعة كاملة، فالإسلام دين السماحة والرحمة، بعكس ما كان يروج له بعض الناس.. وأضاف: (إنه بعد إجراء عملية فصل التوأمين الكاميرونيين التي تفضل بها خادم الحرمين الشريفين.. في مملكة الإنسانية أسلم الناس بعدها حتى سلطان قريتنا أسلم)، ولا أملك هنا إلا أن أقول سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

هذه القصة لو لم أشاهد أبطالها وأتتبع مراحلها لما صدقتها، فهي أقرب للخيال، الخيال الجميل الذي تهفو أرواحنا للتعايش معه وبه، لقد أثبتت هذه القصة عظم هذا الدين وعظم أهله، ولن أستبعد مطلقا إذا جاء يوم اعترف العالم فيه بأن الإسلام دين سلام ورحمة، دين علم وعمل، دين عطاء وسخاء، دين بذل وخير.

وأختم كلامي بحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم".