إنْ كان أكثر ما يحذّر المرء منه مصاحبة رفاق السوء ومخالطتهم، فذلك لأن أقل الضرر استنساخ سلوكهم السيئ، وأكبر دليل على ذلك تأثير وزارة الإسكان على سلوك صندوق التنمية العقارية!

أكثر ما يغيظني في هذا الموضوع، كيف لوزارة لم يمض على إنشائها بضع سنوات أن تؤثر على صندوق ناهز عمره الـ44 عاما، فتشوه تاريخه العريق وتمحو كل إنجازاته السابقة!

فقد كان الصندوق العقاري طوال العقود الأربعة الماضية مثالا يُحتذى به في الالتزام، رغم أنه كان وحده من يقوم بأعباء إقراض المواطنين، والتخفيف من أزمة الإسكان وفق إمكاناته المتاحة.

كان المواطن يستلم قرضه من الصندوق العقاري فور صدور الموافقة على إقراضه، بلا تعطيل أو تسويف، وعجلة الإقراض كانت تسير في الصندوق وفق طابور منتظم بلا توقف، حتى في زمن الشح.

ثم حدث أن سار الصندوق العقاري على خُطى وزارة الإسكان، فانتكس بالكلية وأصبح يُماطل في الإقراض، لدرجة أن آخر دفعة وافق على إقراضها قبل أكثر من عام و3 أشهر، وهو الذي وعد قبل عامين بإصدار الدفعات تباعا دون توقف وفق مواعيد محددة وثابتة ودفعات معلومة.

كما استبدل شروطه السابقة للإقراض، بأخرى تعجيزية لم يسلم منها النساء والأيتام، ليخرج كثيرون بسببها من قوائم الانتظار، ويسوقهم بذلك قسرا إلى الاقتراض من البنوك التجارية!

حتى على صعيد التصريحات، كنا نسخر من كثرة ظهور وزارة الإسكان في الصحف، ثم جاء الصندوق العقاري لينافسها في الظهور الإعلامي الذي لا يخلو من قطع الوعود العرقوبية.

الذي أتمناه أن تبتعد وزارة الإسكان عن الصندوق العقاري، وأن يستقل مجلس إدارته عنها بشكل كامل، ويتركوا الصندوق ليقوم بواجبه تجاه المواطنين كما كان أيام الزمن الجميل، ويتفرغوا في وزارة الإسكان للتصريحات الإعلامية والمشاريع الوهمية!.