قبل يوم عاشوراء، وفي الأشهر القليلة الماضية، هناك شيء غريب حصل لمجتمعنا. هذا الشيء كنا نلاحظه ونعانيه لسنوات. فجأة اختفى! بلا مقدمات، وبلا أسباب منطقية.

خلال الأشهر الماضية، اختفت ظاهرة التأجيج الطائفي. لم نعد نشاهد تلك المقاطع التي كانت تنتشر بيننا بشكل فظيع، لم يعد الناس يروجون لها.

فجأة أصبحت قضية شبه منسية. الناس هم الناس، والظروف السياسية لم تتغير! الصراع في العراق كما هو، حروب الميليشيات والنظام في سورية كما هي، الحرب ضد الحوثيين كما هي، إذن ما الذي تغير؟

لسنوات، كان التأجيج الطائفي عنوان المرحلة. اجترار أخبار تغذي الطائفية من العراق وسورية ولبنان والكويت والبحرين وباكستان. أخبار من كل مكان توجد فيه سنّة وشيعة. ما الذي تغير؟

كنت أنتظر يوم عاشوراء لأرى ما سيحدث؟ صحيح تبادل الناس بعض الرسائل والمقاطع ذات النَفَس الطائفي، ولكن لم يكن التأجيج بالزخم نفسه الذي اعتدناه سابقا، وأجزم بأنه حتما سينتهي بعد أيام.

هل ملّ الناس هذا الصراع القديم؟ هل هناك أجندة كانت تقف خلف الموضوع ولم يعد من أولوياتها؟ هل هناك علاقة بين الطائفية وتجفيف مصادر التبرعات غير المرخصة؟ هل انشغل الناس بهموم المستقبل والرؤية الجديدة؟

كل هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات، ولكني سعيد جدا باختفاء هذه الظاهرة. وما حصل بعد المتغيرات الجديدة والأوامر الملكية، يثبت أن الطائفية ذابت أمام هَمّ المواطن بمستقبل وطنه.

لاحظنا المجتمع بكل أطيافه يناقشون، ويتحاورن، ويقترحون. تساوى السني والشيعي في مشاركة الهموم، والتفكير في القادم.

عندما اشتدت الأزمات كانت رسالة واضحة وصريحة: "كلنا في المركب نفسه، وكلنا نهتم بمستقبل بلدنا".

هي أشهر قليلة عشناها بسلام، فهل نستطيع القضاء على الطائفية من أجلنا، ومن أجل أبنائنا ووطننا؟