أحدثت التعديلات الأخيرة على لائحتي الإجازات والأداء الوظيفي، الصادرة عن وزارة الخدمة المدنية ربكة وخيبات أمل كبيرة للموظفين والموظفات.

ففي الوقت الذي كانوا ينتظرون فيه حلا لمشاكلهم مع السلم الوظيفي والترقيات وشروط استحقاقها، جاءت هذه التعديلات لتكون القشة التي تقصم ظهر البعير، وتلغي معها كل تفكير لدراسة وضع لوائح التوظيف، والتي تجاوزها الزمن بمراحل، بينما لا تزال ثابتة دون حراك، والتجديد فيها لم يكن إلا تدعيما لما هي عليه في الأصل، مع زيادة في تعجيز الموظف عن محاولة الإيفاء بمتطلباتها، والتي لا بد منها ليرتقي ويحصل على مرتبة مستحقة.

ومن البنود الأساسية للحصول على الترقية، درجة الأداء الوظيفي، والمرتكزة على الامتياز والموزع في نموذج التقييم على شكل بنود متعددة، بحيث يستطيع الموظف تحصيل معدل مرتفع في درجات تقييمه حتى وإن حاول المقيّم هضم حقه في بند فالأخر سيرفعه، لأن الإخفاق في كليهما مثير للتساؤل الذي يكشف فيما لو كان هناك تعمد الإنقاص.

في التقييم الجديد المجال متسع لوجهة نظر المدير المباشر، بحيث يكون المتابع للموظف ثم هو من يقول كلمة الفصل، ولو تغاضينا عن مبدأ العدالة والبعد عن الترصد والمناكفة لأمور شخصية، ونظرنا إلى كفاءة الموظفين ومديريهم فهناك -وهذه حقيقة- من هو أكثر فهما ووعيا ممن سيقيمه بل وربما مؤهلا، فكيف له أن ينصف؟ خصوصا وقد ترتب على تقييم الأداء الوظيفي مصير الموظف، فإما الفصل أو البقاء.

قد يقول البعض إن ذلك لن يحصل إلا في حالة نادرة، وبعد استنفاد الفرص، ونقول إن انتفت العدالة من الإدارة المباشرة وشواهدها حية، فسيحصل ذلك وبكل سهولة.

إن ما كان ضروريا في عملية تطبيق البنود الجديدة للأداء الوظيفي، أن تشكل لجان مهمتها زيارة الإدارات والوقوف فعليا على أداء الموظفين دون الاكتفاء بيوم واحد، بل عدة أيام، ويكفي منها عضو بمفرده ليشخّص الواقع ويقيس الأداء للمجموعة بما فيهم المدير، وتكرر الزيارات بصورة مفاجئة لمعاينة الواقع قبل وضع الرتوش، وإن كان في الأمر صعوبة يكون التقييم من خلال النظام الإلكتروني، وقياسا على العمليات المنجزة من قِبل الموظف عن طريقه، حتى وإن كانت هناك معاملات ورقية فإحصاؤها سهل جدا، ومن خلال نظام الاتصالات الإدارية، والحقيقة أن اللائحة الجديدة إن طبقت بشكل سليم وعادل فقد تنصف موظفين كانوا مغمورين تحت سلطة إدارية تعترف بالأنا فقط، مع التوجس الدائم من تفوق موظفيها، وكأنهم الخطر الداهم الذي تجب محاربته.