.. وكي لا تلتبس عليك الأمور تذكر دائمًا أن التقرير الصحفي هو "خبر طويل"!
فرق كبير بين التقرير والتحقيق الصحفي، الذي أعتبره - ابن القضية الصحفية - ويسعى لنقاش قضية ما، وجمع أطرافها، والمعلومات المتعلقة بها للوصول بالقارئ والمسؤول إلى الحل!
خطورة الوسائل الإعلامية اليوم - وهذا استنتاج شخصي - هي في المحرر المتمكن من أدواته - لغة ومعلومات وغيرهما - حينما تنعدم لديه الأمانة فيستطيع التأثير في الرأي العام أو تضليله في أقل الأحوال!
تجد خلال الأشهر القليلة الماضية الكثير من التقارير الصحفية غير الصحيحة، تتلقفها بعض الصحف وتبرزها في صدر صفحاتها، ليس لدقتها وأمانتها، بل لمهارات الصحفي ذاته الذي يمرر لك، وعليك، تقريره المضلل!
لا أحتاج للقول إن المواقع والصحف الأجنبية تنشر اليوم تقارير مسيئة لنا، يتداولها الكثيرون لا لصدقيتها، بقدر ما هو لطريقة حبكتها والمعلومات المدمجة داخلها، حتى وإن لم يكن لها علاقة بذلك.. وكي لا أعرض لك تقريرًا مضللًا؛ فأسهم وأساهم، دون قصد بترويجه، سأعرض لك تقريرًا محليًا.. مع تقديري للزميل الذي أعد هذا التقرير، والصحيفة التي نشرته..
التقرير الصحفي أمامي على شاشة المحمول هذه اللحظة .. إنه يثبت ما أقول تمامًا.. التقرير يفترض وجود ظاهرة اجتماعية تتعلق بصيام يوم عاشوراء في السعودية.. هذه الكذبة الأولى .. لم أجد وصفًا آخر.. في السطر التالي يقول التقرير: (السعوديون يستعدون للصيام من جديد).. هنا يوهمك بالقول إن كل السعوديين سيصومون، بل ويقومون بالاستعداد لذلك!
لكي يفوت عليك فرصة الاحتجاج يدخلك مباشرة في خلافات فقهية حول صيام التاسع أو الحادي عشر.. فتنشغل بالعبارة الثانية عن الأولى.. في هذه اللحظة يمرر لك كذبة أخرى: (يبدأ السعوديون بالحديث عن ماذا سيأكلون في ذلك اليوم، وماذا سيعملون).. وحتى لا تحتج مرة أخرى وترفض هذا الكذب، يمرر لك بيانا لهيئة كبار العلماء حول صيام عاشوراء، حتى تنشغل عن عبارته المضللة ببيان الهيئة..!
يواصل المحرر المتمكن تمرير تقريره المضلل بقوله: (وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً عن نوع الطعام الذي سيطبخ عندهم) .. وليس لذلك أي صحة، وقبل أن تفكر، يدمج ذلك بقوله: حساب هيئة كبار العلماء على "تويتر" بث تغريدة عن سنة صيام عاشوراء.. ثم يمرر لك ما يؤكد وجود الظاهرة بقوله إن النساء في بلادنا يقمن بالطهي بصورة جماعية.. وقبل أن تصحو من حفلة التنويم هذه يقول لك إن إمام وخطيب المسجد الحرام أوصى في خطبة الجمعة، بصيام عاشوراء!
هذا مثال قد يبدو غير ذي قيمة، لكن هناك تقارير سياسية تنتهج نفس الأسلوب، تخلط الحقائق بالأكاذيب، فيبلعها المتلقي دون أن يشعر!
كن حذرًا حينما تتصفح مواقع وسائل الإعلام المختلفة هذه الأيام.