سعدت قبل أيام بزيارة مملكة البحرين الشقيقة، بعد عشر سنوات من آخر زيارة لها، وسنحت لي فرصة جميلة لحضور لقاء رئيس مجلس حكماء المسلمين، فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وأعضاء المجلس، مع عاهل البحرين، جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وبعد الخطابات الرسمية، استمع الحضور إلى واقعة سياسية، حكاها الملك باختصار، ووجدت فيها إجابة شافية على المشككين في عروبة البحرين الغالية..

شجعتني القصة للتفتيش عنها، وفي أماكن حيادية، فوجدت أنه في 4/1/1969، ذكر شاه إيران أن جزر البحرين فصلها الإنجليز عن بلادنا، قبل 150 عاماً، وألحقوها بإمبراطوريتهم، وأن الوقت حان ليخرج الإنجليز، وإذا كان سكان البحرين لا يرغبون في الانضمام إلينا، فنحن لن نرغمهم.. بعد ذلك بدأت المباحثات من أجل حل مشكلة البحرين بين الحكومتين الإيرانية والبريطانية، باعتبارها صاحبة الحماية على البحرين، وعقد لقاء أول بجنيف، وآخر بلندن، بحضور ممثلين كويتيين وسعوديين، واتفق الجميع على اقتراح بريطاني بتكوين لجنة دولية لاستقصاء الحقائق تحت إشراف الأمم المتحدة، واقترح بدلاً من ذلك أن يعهد إلى مبعوث شخصي الذهاب إلى البحرين على رأس بعثة التقصي، واستطلاع رأي السكان حول مستقبلهم، وأن يكتب تقريراً بما يتم التوصل إليه، ليسجل في الأمم المتحدة كوثيقة دولية تعلن الأطراف المعنية الالتزام بها، وقدم شاه إيران التزامه بنتيجة لجنة تقصي الحقائق، وقدم الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة ـ رحمه الله ـ حاكم البحرين، ورغم تخوفات البعض واعتراضاتهم، التزامه بأن سكان البحرين سيمكنون من مقابلة المبعوث الشخصي دون أية موانع، وستتاح لهم فرصة الإعراب له عن رغباتهم إعراباً حراً، وفي غياب أية رقابة، ودون أن يخشوا التعرض لأي أذى نتيجة لذلك..

وصل المبعوث الإيطالي جوشياردي إلى البحرين في 31/3/1970، وانتهى تقريره إلى أنه أجرى الكثير من المقابلات والاتصالات الشخصية، وأنه تعمد استطلاع رأي المنظمات والنوادي والمواطنين العاديين والتجار، كما زارت بعثته ثلاث قرى نائية، ومعظم الإجابات التي تلقاها عن أسئلته التقت عند الإقرار والقبول بـ«قيام دولة بحرينية ذات سيادة واستقلال تام، والأغلبية العظمى من السكان كانوا يضيفون إلى ذلك أن هذه الدولة يجب أن تكون دولة عربية»، وعرض التقرير على مجلس الأمن في 11/5/1970، وتمت المصادقة عليه بالإجماع، وفي 14/8/1971، تم إعلان استقلال البحرين..

ما رأيته أثناء زيارتي لمملكة البحرين أكد لي فوق القطع بعروبة البحرين، عدم استحالة أن تعيش مختلف الأطياف تحت سماء وطن واحد، والشرط رعاية حقوق المواطنة، وحفظ وحدة الصف، وبث التآخي بين الجميع.. "عاشت مملكة البحرين، بلد الكرام، مهد السلام".