قبل شهر طفت على كثير من مكتبات القاهرة، مرورا بمكتبات (الرصيف) وسور الأزبكية (البديل)، مؤملا النفس برؤية منتجنا المحلي وصادراتنا الوطنية من ثمرات الفكر والإبداع، لكوننا أعضاء في اتحاد الناشرين العرب، ونحظى بجمعية للناشرين السعوديين منذ عشر سنوات وأكثر، جعلتْ من ضمن أهدافها الواردة في لائحتها التنفيذية (رفع مستوى مهنة النشر في المملكة وترويج الكتاب السعودي وقراءته، وتوسيع نطاق انتشاره محليا وعربيا ودوليا)، ولكن المحصلة النهائية كانت عدمية الموقف المباغت، وقبض السراب المربك، فالمشهد كان بائسا وحزينا والصورة مشوشة وقاصرة، فلم تقع عيني إلا على نسختين لا ثالث لهما (الراحل الكبير غازي القصيبي، والروائي عبده خال)، كنت أتساءل وبحرقة عن تلك المطارحات والعقود المسمومة بين مؤسساتنا الثقافية ودور النشر خارج حدودنا وداخلها، وهل كانت لعبة خداع مراوغ واستراتيجية مخفية، وهل لجمعيتنا الموقرة الحق في مساءلة هؤلاء الناشرين عن مصير (كتابنا السعودي) ومصير تلك العقود التجارية المربحة لهم، والمنتهكة لحقوق المؤلف والمؤسسة معا، وهل تقف هيئة الثقافة موقف المتفرج على النار وجمرها؟ وهي ترى هذا الأذى والانكسار العصي على التفسير الذي يعصف بمنجزنا العقلي وحضورنا الأدبي المنقوص.

إن بعض هؤلاء الناشرين أمعنوا في استباحة حقوق المؤلف والمؤسسات الثقافية وتعاملوا معها كطريدة مبتغاة ومخزون نفعي. لقد مللنا من طروحات اتحاد الناشرين حيث يؤكد في كل لقاءاته وحواراته ونقاشاته على الملكية الفكرية ومكافحة القرصنة الرقمية وحماية الحقوق، وأظن أبسط الحقوق أن يخضع هؤلاء الناشرون وتجار الكلمة للمساءلة حول ما التزموا به من نشر للكتاب بعد أن (سلعوه)، ولم يلتزموا بمضمون العقود (ناشر وموزع)، ولكنه استدرج المؤسسات لإغراءاته الغائمة مرغمة حين طبع لها العدد الحجري الثابت (ألف نسخة) لا أكثر، ليتعهد بالقيام بنشر وتوزيع الحمولات الفائضة على أرجاء الوطن العربي والعالمي، ولكنه استعاض عن هذه الحذلقة وتعقيداتها المكلفة كما يتوهم بحمل ذلك الركام وعرضه في معارضنا الوطنية (الرياض، جدة)، إيمانا بمقولة أهل عسير (صبه رده).

المهم أننا لا نعرف شيئا عن مشروعات واشتغالات (الهيئة العامة للثقافة) الموعودة، ولكن أمنياتنا أن يطال همها الضمني (الكتاب) ومصيره وما يعانيه من انغلاقات وانسدادات من حيث النشر والتوزيع، وما يعتريه من مغالطات واجتهادات خاطئة ومحبطة، وليتنا نحتفل ذات يوم بهيئة عامة للكتاب.