مساعد آل بخات



تعرضت المرأة لِلظُلمِ من قِبَل حضارة الصين قديماً (عام 3000 ق.م) فكان الزوج له الحق في سلب كل حقوق زوجته وبيعها كجارية، والمرأة الصينية في نظر الصينيين معتوهة لا يمكنها من قضاء أي أمرٍ يخصها إلا بتوجيهٍ من الرجل، وهي محتقرة ومهانة، ولا يحق لها المطالبة بشيء، حتى أنهم يسمون المرأة بعد الزواج (فو) وتعني: الخضوع.

وقد مُنِعَت المرأة والرجل من التعليم في أوروبا في الفترة (من 476م إلى 1453م) فساد أوروبا في تلك الفترة الجهل العام والضعف العقلي بسبب احتكار رجال الدين على التربية والتعليم، والذي كان مُقتصراً على علوم الدين فقط، وتكفير كل من يطلب تعلم العلوم الأخرى.

وتُشير الكتابات التي تناولت الفكر التربوي الأوروبي في عصر النهضة (من القرن الرابع عشر إلى القرن السادس عشر) بأنهم كان يعتقدون بأن السماء قد جعلت مكان المرأة في المنزل، وأنه لا يجوز أن تنال حظها من التربية الحرة المتصلة بالحياة العامة، وأن وظيفتها الأساسية هي تربية أبناءها ومخاطبتهم باللغة اللاتينية فقط.

من هنا بدأت المناداة بمصطلح (حقوق المرأة) عند الغرب مع بداية القرن التاسع العاشر، نظراً لما كانت تتعرض له المرأة الغربية من الاستعباد والظلم والذل، خاصةً في ظل عدم وجود منهج شرعي مُنضبط عندهم لكي يرجعون إليه ويتحاكمون به فيما قد يحدث بينهم من القضايا والأمور. وقد زادت المطالبة بــ(حرية المرأة) مع بداية تأسيس حقوق الإنسان في عام 1948م، فنشأت الحركة الدولية لحقوق الإنسان بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لتضغط بها أمريكا وأوروبا على دول العالم من أجل استخراج حقوق مزعومة ومن ضمنها حقوق المرأة في الحصول على حريتها، ومن يرفض (حرية المرأة) فقد رفض (حقوق الإنسان)!!. ومن الملاحظ عند الغرب بأنهم لم يقيدوا تلك الحرية (بضوابط شرعية) بل قيدوها (بضوابط اجتماعية) تتأثر بــ (اختلاف الزمان والمكان، وعادات وتقاليد المجتمع، وأهواء صُناع القرار)، مما أدى ذلك الأمر إلى انحلال مبادئ الأخلاق الحسنة، وإحلال المفاسد والمفاتن.

إن الإنسان الواعي عندما يتمعن قليلاً في طريقتهم تلك قد لا يستغرب!! لماذا؟؟

لأنهم اعتمدوا في مبدأ حرية المرأة على أهوائهم ورغباتهم وليس على أصل شرعي، يقول الله تعالى: (أفرأيتَ من اتَّخذ إلههُ هواهُ وأضلَّهُ اللهُ على عِلمٍ وخَتَمَ على سَمْعِهِ وقَلْبهِ وجَعَلَ على بَصَرِهِ غِشَاوَةً فمن يَهْدِيهِ من بعدِ اللهِ أفلا تذكرون).

وفي الجانب المقابل عند المسلمين نجد بأن مصطلح كلمة (حرية) ليست بالمفهوم الحديث، بل إن الله سبحانه وتعالى قد بيّن للإنسان طريق الخير وطريق الشر، وكفل له مبدأ الحرية والاختيار رجلاً كان أم امرأة، ، قال تعالى: (وقُلِ الحَقُّ من ربِكُم فمن شاء فليُؤمن ومن شاء فليكفُر). ومما يدعم وجود مبدأ (الحرية) في الإسلام بأنه من الشروط الواجب توفرها في الإنسان (المسئول) رجلاً كان أم امرأة أن يكون له حرية الإرادة والاختيار.

فحرية المرأة عند الغرب لا تتوافق مع الكرامة الإنسانية بل تُرِكت مفتوحة للمرأة كيفما تشاء، أما الإسلام فقد شَرَّع (حرية المرأة) بما يتناسب مع القرآن الكريم والسنة النبوية، كما أن الإسلام لم يشرِّع للمرأة ويترك الرجل بل إن التشّريع لكليهما من باب العدل بين الجنسين، قال تعالى: (وإذا حكمتُم بينَ الناسِ أن تحكُمُوا بالعدل).

والغرب لا يريدون حرية المرأة فحسب بل يريدون تحرير المرأة من القيم والمبادئ لتُصبِح سلعةً سهلةً بأيدي الرجال، أما الإسلام فيريد أن تُعطى المرأة حقوقها كاملة من (حُسنِ عشرةٍ، وتعليم، ونفقة، وميراث .. وما إلى ذلك)، قال تعالى: (ولهُنَّ مِثلُ الذي عليهِنَّ بالمعروفِ وللرجالِ عليهِنَّ درجةٌ والله عزيز حكيم).

ومع هذا كله لازال بعضاً من النساء والرجال في مجتمعنا الإسلامي ينادون بــ (حرية المرأة) كما عند الغرب، وكأن الإسلام لم يعُد نافعاً لكل زمان ومكان!!.

 صحيحٌ بأننا نرفض تلك العادات والتقاليد السلبية في مجتمعنا، والتي قد تقيد المرأة بما لم ينزل به الله من سلطان، ولكن هذا الأمر لا يصل بنا إلى أن نصل إلى التحرر!!.

فنحن بحاجة ماسة إلى تحسين حال المرأة بِمَ يتوافق مع الإسلام، وليس بِمَ يتوافق مع أهواء ورغبات الناس، لأن العبرة بالمنهج وليس بالأشخاص، قال تعالى: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده).