محمد فايع
نعمة "الأمن والاستقرار والوحدة" بين أبناء المجتمع؛ نعمٌ لا تعادلها كل كنوز الدنيا، ولو كان لأحدنا ملء بيته ذهبا، لكنه يفتقد الأمن والاستقرار، لتمنى استبدال الأمن بالذهب، ولهذا سأقول كلاما لا تعوزه الصراحة، وهو حديث العقل لا العواطف، وبعيدا عن التهييج الذي سلكه كثيرون، فألّب وهيّج المجتمع وأثاره حول القضية.
فأقول في وقفتي الأولى: فئة من الناس لم يُوفقوا في تناولهم القرارات الملكية الأخيرة المتعلقة بالرواتب والبدلات، وكأن الحياة انتهت، متناسين كيف عاش الأجداد والآباء وحياتهم لا تقاس بحياتنا، ورغم قسوتها لم يكن لديهم جزع على مستقبلهم على قلة رواتبهم، وشظف عيشهم لإيمانهم بأن الرزاق هو الله الذي تكفل بعباده، فلن يموت أحد من جوع، ولن يفقر من عدم، ولو نظرنا في حال شعوب مجاورة لوجدنا أن مرتباتهم ربع رواتب بعضنا وأسعار السلع عندهم مرتفعة، لكن لديهم وعيا في تدبير معيشتهم، ولدى بعضنا خلل في "ثقافة الاستهلاك والادخار، وثقافة الإنفاق" وجميعنا شاهد مقاطع "الهياط" التي آلمتنا، ويعلم حقيقة الإسراف في مناسباتنا الاجتماعية والأعزية التي لم تسلم هي كذلك ولا علاقة للكرم بالتبذير المفرط.
أما الوقفة الثانية هي "ردة الفعل" العنيفة تجاه حديث الوزراء الذين تحدثوا للفضائية وفق معطيات هم أعلم بها من غيرهم، وبيدهم ملفات وزاراتهم، ولديهم إلمام كامل بمسؤولياتهم، وقد يكونون اجتهدوا أو أخطؤوا فيما قالوا فهم بشر، لكن ردة الفعل تلك التي اختلقها العامة، ثم انساق خلفها إعلاميون أسهموا في إثارتها فعمدوا عبر برامج ومقالات وكتابات إلى إشعال الحرائق بين أبناء المجتمع، فلم تكن مبررة، وبهدوء دعوني أقول لكم: لو افترضنا أن وزير الخدمة المدنية قال إن "عمل الموظفين لدينا يساوي 10 ساعات في الإنجاز" لخرج من يقول كلامه غير صحيح، وهذا يلمّع موظفي الدولة ويناقض واقعنا، ثم سيأتي معقب آخر عليه، ليقول وماذا عما يقال عن بعض الإدارات من تعثر معاملات، أو تأخر مصالح، أو تغيب بعض عامليها، وإن كان بنسب متفاوتة لكنه موجود؟ وماذا عن دراسات تحدثت عن "الإنجاز الوظيفي" وقياس الجهد المبذول إلى عدد ساعات العمل، علما أن الوزير قصد "الموظف المكتبي" فلم يشر للطبيب ولا جنود الوطن، ولا المعلمين، فقط موظفو الدوائر ذات الخدمات الجماهيرية، وليس غيرهم، عموما أرجو أن يفهم أن الأحكام "لا تعمم لا بالإيجاب ولا بالسلب"، وكما هناك موظفون مجتهدون متفانون مبدعون وهم الغالبية، فهناك في المقابل موظفون مقصرون متقاعسون تقليديون وهم قلة، فلا يمكن لمنصف أن ينسف إنجازات موظفين مبدعين وبارزين في أعمالهم، أو يظلم إدارات حكومية وظفت "الخدمة الإلكترونية" كخطوة رائعة كـ"وزارة الداخلية" التي لا يستغرق المواطن في دوائرها سوى دقائق لينجز مصالحه، أعود لأقول كثيرون بالغوا في ردة الفعل، وبعضهم جانبه النقد الهادف إلى "التسفيه والتسخيف والاتهامات والتضخيم".
من المستفيد من تلك الكتابات الهدامة سوى أعداء الوطن في الداخل والخارج، والدولة رعاها الله حريصة على الوطن والمواطن، وثقتها كبيرة في رجالاتها فدعوها تعمل وفق رؤية وطن 2030 وهي رؤية موعودة بآمال مستقبلية.