مأساة الأخت الشقيقة الإندونيسية في المدينة المنورة وهي تتعرض للتعذيب على أيدي مكفوليها أو غيرهم تستحق رسالتين. الأولى للشعب الإندونيسي بقيادته وشعبه وأقنيته الدبلوماسية لدينا وجاليته العزيزة في ضيافة المملكة. الثانية، لنا أهل البيت، لأن الرائحة تعدت حدود المعقول. وللإخوة الكرام في البلد الصديق نود التذكير أولاً بأن القصة الفردية لمجرم لا تستحق أن يحكم عليها بأنه سلوك شعب. وحينما نطلب الهدوء حتى نواجه الجريمة بما تستحق من ردع، فإننا لن نخجل أبداً بأن نقرن الأسف والأسى بالاعتذار. وحينما نعتذر عن هذا الفعل اللاإنساني، فإننا نؤكد أننا أول من يستنكره ويشجبه. ونحن مع الشعب الإندونيسي في صف واحد نرفض وندين هذا الفعل، ونتحد معاً للمطالبة بأن تأخذ العدالة الكاملة طريقها من أجل شرع الله المطهر ومن أجل الكرامة الإنسانية.

أما رسالتي لأهل البيت من الداخل فسأكتبها بالصراحة التي تستحقها كرامة إنسان وصلت به الجريمة إلى فروة رأس مسلوخة وتعذيب بالحرق. يجب أن نخجل تماماً من أنفسنا وأن نعتبرها شريكة في المسؤولية. هذه القصص المتواترة تبرهن على مسافة هائلة ما بين حياة أو موت الضمير الإنساني. نحن بكل صراحة بحاجة إلى أن نعيد حساباتنا في تقييم سلوكنا – الفوقي – حين نتعامل مع الآخرين. نحن ضحايا تربية اجتماعية لا تنظر لمعظم الشعوب من حولها إلا على أنها كوادر استعباد وخدمة.

وعوداً إلى رسالتي الأولى للإخوة في إندونيسيا الرسمية والإعلامية: من الخطأ أن يبقى النظر رهيناً للنقطة السوداء في القماش الأبيض. نحن حتى اللحظة قد استقبلنا منكم ما لا يقل عن عشرين مليون شقيق في الدين وفي الكرامة الإنسانية. وسواد هذه الملايين الطاغي ربما ابتدأ مستقبل حياته ورفاهيته في هذا البلد، وهذه ليست منة، بقدر ما هي ديدن تبادل المنافع بين الشعوب.

قصة شاردة لن تلغي ملايين القصص المضيئة. وبقدر رفضنا حكومة وشعباً لهذه الجريمة بقدر ما نلفت النظر إلى أنه في المقابل لن تظنوا أن عشرين مليوناً على الزمن الطويل لم تفلت من – أحدهم – شذرات من جريمة بحق عائلة أو طفل، أو بحق مجتمع ونظام. لدينا في الأرشيفين الأمني والاجتماعي عشرات القصص ولكنها لن تلغي – بياض – بقية الملايين الشرفاء من أبناء شعبكم الكريم الذين جاؤوا إلينا ثم غادروا بكل محبة. نحن نرفض مثل هذه الجريمة ذات رفضنا وأكثر للجريمة المقابلة.