مع كل التقدير لكل من يسعى إلى رأب الصدع بين الفرقاء اللبنانيين، وخاصة من الإخوة العرب الذين يتكبدون المشقة، إلا أن الحوار بين اللبنانيين يبقى أساس أي اتفاق في المستقبل.
حتى في مؤتمر الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، وانبثق عنه اتفاق الطائف، كان الراعي السعودي مضيفا للمتحاورين، مسهلا لهم سبل الحوار، غير فارض لرأي عليهم، مع أن البعض حتى اليوم يضع الملاحظات على الاتفاق الذي أنهى 15 عاما من القتل والدمار.
كان اتفاق الطائف في النهاية نتاجا لبنانيا، على أرض الحرمين وليس العكس، وهو ما مكنه من الاستمرار حتى اليوم كدستور للدولة اللبنانية رغم المخالفات الكثيرة لتطبيق الكثير من بنوده.
اليوم وفي ظل الاحتقان الذي تشهده الساحة السياسية اللبنانية، ليس أمام الأطراف اللبنانية سبيل سوى الحوار للخروج من المآزق الكثيرة المطروحة، وفي مقدمتها تلافي فتنة مذهبية يعلم الجميع متى تبدأ، لكن لا أحد يعرف متى ستنتهي وكيف ستكون نتائجها، وما هي المآسي التي ستخلفها.
والحوار المطلوب اليوم محصور بين شخصيتين أساسيتين في لبنان، هما رئيس الوزراء سعد الحريري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، من دون التقليل من أهمية الشخصيات العامة اللبنانية الأخرى باعتبار أنها ستبارك أي اتفاق يتوصل إليه الزعيمان.
ومن التجارب الكثيرة التي مر بها لبنان في سنواته الأخيرة، وفي ذروة الاحتقان كان مجرد اتصال بين الشخصين، وليس لقاء يبرد الساحة، والمطلوب حاليا ليس التبريد بقدر ما هو وضع أسس العيش المشترك.