من التحديات الأساسية التي يواجهها قطاع التدريب بشكل عام هو قدرته على تحويل ما يتم تقديمه وتدريسه إلى واقع مطبق في الحياة اليومية. فكثير مما يحصل عليه المتدرب من معلومات وأدوات يتبخر في اللحظة التي يخرج فيها من قاعة التدريب ليجد نفسه وتجد معه مؤسسته أن الأيام التي قضاها في القاعة لم تكن إلا فسحة فكرية أكثر ما استفاد منها الموظف هو الابتعاد بضعة أيام عن العمل والتزاماته، والتجول -إن كان التدريب خارج المدينة- بأوقات سياحية وبدلات مالية مجدية.
المؤسسات التي تركز في تدريب موظفيها على الجوانب الإدارية والفنية ترتكب دون أن تعلم خطأ في حق نفسها، وعلى الرغم من أن هذا النوع من التدريب مهم للغاية إلا أنه من الضروري أن يسبقه ذلك النوع الذي يركز على الفرد باعتباره إنسانا له طموحه وإحباطاته ومشاكله النفسية، فلا قيمة لتدريب موظف يرى في مؤسسته أنها فقط مصدر رزق لا يضيف لها ولا تضيف له على المستوى الإنساني أي جديد. فكثير من مشاكل الموظفين ترتكز على مدى رغبتهم في العطاء وليس في قدرتهم عليه.
حضرت دورة قبل أسابيع بعنوان "ألهم نفسك" خصصتها لنا جهة عملي لتكون انطلاقة لبرنامج تدريبي يستمر لمدة عام، وقد كانت في تقديري الشخصي الدورة الأهم في مسيرتي العملية، فقد بينت لي من خلال اختبارات سبقت إقامة الدورة مواطن القوة والضعف، والمجالات التي أتميز بها ولا تضيف لي شيئا، وتلك التي أتميز بها دون أن أكون مدركا لها. من أهم ما خرجت به من هذه الدورة هو انقلاب في التفكير باتجاه نفسي، فقد كنت أعتقد أني مميز في جوانب معينة في حين أن شغفي وقوتي الحقيقية تكمن في مجال أعلم أنه بداخلي، ولكني لم أكن أعلم أنه بتلك القوة التي تكمن فيها الأسس التي من خلالها يمكن لي التطور والتقدم في حياتي العملية.
معالجة الضعف -وفق ما أوضحه لنا المدربون وبناء على دراسات علمية- ليست إلا الطريقة القديمة في التقدم، فإمكانية معالجة الإنسان لمواطن الضعف الكامنة في داخله تعد من الأمور التي توقع الضرر المضاعف أكثر من كونها تساعد على التحسين، فالجهد المبذول في محاولة الإصلاح سيؤثر بشكل كبير على إضعاف التركيز على مواطن القوة التي هي في الأساس ما سيفرش لك الطريق نحو التطوير.
خلاصة القول، ابحث في داخلك وركز على تطوير مواطن القوة فيك، واترك ضعفك لحال سبيله، فالمهم ليس في أن تكون جيدا، بل في أن تكون ممتازا.