يقترح مرشح الحزب الجمهوري الأميركي، دونالد ترامب، في حال انتخابه رئيساً، ترحيل حوالي 5-11 مليون مهاجر غير شرعي، ووعد بترحيل مليوني شخص في غضون بضعة أشهر. ولهذا ينبغي علينا أن نكون جادين حيال فهم خطورة هذا الاقتراح الذي سيؤدي إلى أضرار جسيمة للبعض ويجلب العار لنا جميعاً.
ذكر وزير الأمن الداخلي السابق مايكل شيرتوف، في مايو الماضي، أنه "لا يمكننا أن نتصور كيف يمكن ترحيل 11 مليون شخص في غضون بضع سنين، في حين أنه ليس لدينا دولة بوليسية، حيث لا يمكن للشرطة اقتحام منزلك، كيفما تشاء، وأخذك بعيداً دون أمر ضبط"، وقال أيضاً "ما لم نعلق الدستور ونعطي أوامر للشرطة للتصرف كما لو كنا نعيش في كوريا الشمالية، فسوف لن يحدث هذا الأمر أبداً".
ينطوي اقتراح ترامب على إضافة خمسة آلاف من جنود حرس الحدود، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف عدد وكلاء الترحيل في إدارات الهجرة والجمارك في أميركا، ليخلق بذلك قوة ترحيل خاصة، وصفها كوحدة عسكرية لترحيل ليس مجرد الناس الذين أدينوا بارتكاب جرائم، بل أيضاً ترحيل المهاجرين الذين تجاوزوا مدة إقامتهم، والمهاجرين غير الشرعيين الذين تم إلقاء القبض عليهم، حتى وإن كانوا غير مدانين. ومن بين المرات التي شهد فيها العالم الترحيل الجماعي للمهاجرين في دولة متقدمة، كان في تسعينات القرن الماضي، في يوغوسلافيا السابقة.
في خمسينات القرن الماضي، كانت هناك محاولة لترحيل الملايين فيما عرف بعملية "ويتباك". وفكرة أن الحكومات تعلمت كيف تقوم بعمليات ترحيل جماعي بطرق "إنسانية وفاعلة" هي فكرة سخيفة، فقد كان ترحيل الملايين من أعضاء أقلية عرقية أو جماعة دينية من الأراضي مصحوباً، في كل الأمثلة التاريخية، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وأحياناً، بالإبادة العرقية.
في عام 1994، أعلن مجلس الأمن الدولي أن الإبعاد القسري على أساس العرق هو جريمة ضد الإنسانية، وفي نهاية المطاف كانت هناك مساءلة للقادة السياسيين الذين سنَّوا قوانين الترحيل وحرضوا أتباعهم على الكراهية والعنف.
ليس لدى أميركا أزمة هجرة حقيقية، ولكن حتى إن كان لديها، فقد أثبت التاريخ أن خطاب الأزمة، المقرون بطموح تشوبه العنصرية للقيام بعمليات ترحيل جماعي، قد أدى مراراً وتكراراً إلى الأضرار الجسمية بالبعض، ويجلب لجميعنا العار.